يكن يحصل بذلك حكم قطعي بات بالوضع لجواز كذبه في إقراره، وقد يعرف أيضا بركاكة ألفاظ المروي وسخافة معانيها وما يجري مجرى ذلك، كما قد يحكم بصحة المتن مع كون السند ضعيفا إذا كان فيه من أساليب الرزانة وأفانين البلاغة وغامضات العلوم وخفيات الاسرار ما يأبى إلا أن يكون صدوره من خزنة الوحي وأصحاب العصمة وحزب روح القدس ومعادن القوة القدسية) (1).
ج - السيد أبو القاسم الخوئي في مواضع متعددة من تقريرات درسه، فقد أورد في مبحث التنجيم رواية ذكرها الحر العاملي في كتابه الوسائل، ثم قال: (ضعيفة لعبد الله بن عوف وعمر بن سعد ومحمد بن علي القرشي وغيرهم، ولكن آثار الصدق منها ظاهرة...) (2). وفي مبحث جواز ارتزاق القاضي من بيت المال استدل على ذلك بوجوه منها فقرة واردة في عهد الامام علي عليه السلام لمالك الأشتر، ثم قال: (والعهد وإن نقلا مرسلا إلا أن آثار الصدق منه لائحة كما لا يخفى للناظر إليه...) (3). وفي مبحث حرمة الولاية من قبل الجائر قال: (ويدل على الحرمة أيضا ما في رواية تحف العقول من قوله عليه السلام: (إن في ولاية الوالي الجائر دروس الحق كله وإحياء الباطل كله، وإظهار الظلم والجور والفساد، وإبطال الكتب، وقتل الأنبياء، وهدم المساجد، وتبديل سنة الله وشرايعه، فلذلك حرم العمل ومعونتهم والكسب معهم إلا بجهة الضرورة نظير الضرورة إلى الدم والميتة)، وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة السند...، إلا أن تلك التعليلات المذكورة فيها تعليلات صحيحة، فلا بأس بالتمسك بها) (4).
د - الشيخ الأستاذ حسين الوحيد الخراساني (دام ظله) في درس الفقه من يوم الثلاثاء 11 جمادى الثانية 1418 ه، حيث أكد على اعتبار كتاب نهج البلاغة وبعض الروايات عالية المضامين، فقد عبر عن رواية واردة في عيون أخبار الرضا بأنها رواية شريفة، وقال: (إن نفس مضمونها شاهد على صدورها من الامام عليه السلام)، ثم قال في موضع آخر تعليقا على حديث (الاسلام يعلو ولا يعلى عليه) بعد أن ذكر أنها من مرسلات الصدوق التي لا دليل على حجيتها: (وفي رأينا فإن مثل هذه الجمل صادرة عنهم، ولا ينبغي النظر في سندها، ولذا فإن من الخطأ إدراج بعض الروايات ذات المضامين العالية ضمن مبحث صحة السند في الأصول، إذ لا وجه مع علو المضمون لصدور العبارة عن غير المعصوم عليه السلام،، ومن هنا فلا حاجة للبحث في سند مثل كلمات نهج البلاغة)، ثم أورد سماحته بعض كلمات أمير المؤمنين عليه السلام ذات المضامين العالية الواردة في نهج البلاغة.