ونقل المتقي الهندي عن الخطيب البغدادي في تاريخه فيما رواه عن ابن عباس إن النبي صلى الله عليه وآله قال: (ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث، وإنما سماها الله فاطمة لان الله تعالى فطمها ومحبيها من النار) (1).
ونقل الهيثمي عن الطبراني بإسناده إلى عائشة أنها قالت: (كنت أرى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقبل فاطمة، فقلت: يا رسول الله إني كنت أراك تفعل شيئا ما كنت أراك تفعله من قبل، قال لي: يا حميراء، إنه لما كان ليلة أسري بي إلى السماء أدخلت الجنة فوقفت على شجرة من شجر الجنة لم أر في الجنة شجرة هي أحسن منها، ولا أبيض منها ورقة، ولا أطيب منها ثمرة، فتناولت ثمرة من ثمرتها فأكلتها فصارت نطفة في صلبي، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت فاطمة، فإذا أنا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت ريح فاطمة، يا حميراء إن فاطمة ليست كنساء الآدميين ولا تعتل كما يعتلون).
ثم عقب الهيثمي عليه بقوله: (رواه الطبراني، وفيه أبو قتادة الحراني، وثقه أحمد وقال: كان يتحرى الصدق، وأنكر على من نسبه إلى الكذب، وضعفه البخاري وغيره، وقال بعضهم: متروك، وفيه من لم أعرفه أيضا، وقد ذكر هذا الحديث في ترجمة الميزان). وعلق ابن حجر عليه: (هذا مستحيل فإن فاطمة ولدت قبل الاسراء بلا خلاف) (2).
مناقشة ابن حجر في ادعائه:
أقول: أما ابن حجر فقد تبع الذهبي في تلخيصه على المستدرك عند تعليقه على حديث ما يقارب لمضمون ما رواه الطبراني مع حذف في آخره، فقد قال: (هذا كذب جلي لان فاطمة ولدت قبل النبوة فضلا عن الاسراء) (3).
وقولهما غير تام، فإن أهل السنة وإن قال أكثرهم بأن ولادتها عليها السلام كانت بعد البعثة بخمس سنوات إلا أن كلمتهم غير متفقة تماما عليه، فقد نقل الديار بكري في تاريخه أن أبا عمرو قال: ولدت فاطمة سنة إحدى وأربعين من مولده عليه السلام، وهو مغاير لما رواه ابن إسحاق أن أولاده كلهم ولدوا قبل النبوة إلا إبراهيم. ثم ذكر بعض الروايات التي وردت ودلت على أن أصل فاطمة من ثمار الجنة التي أكلها النبي صلى الله عليه وآله في الاسراء، وعقب عليها قائلا: (وهذه الروايات تقتضي كون ولادة فاطمة بعد البعثة لان الاسراء كان بعد البعثة، وقد صرح أبو عمرو بأن ولادة فاطمة كانت سنة إحدى وأربعين من مولده صلى الله عليه [وآله] وسلم كما نقلنا آنفا من سيرة مغلطاي) (4).