(ومنها: إنه طلب هو وعمر إحراق بيت أمير المؤمنين عليه السلام، وفيه أمير المؤمنين عليه السلا م وفاطمة، وابناهما، وجماعه من بني هاشم، لأجل ترك مبايعه أبى بكر. ذكر الطبري في تاريخه قال: أتى عمر بن الخطاب منزل علي فقال: والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن للبيعة، وذكر الواقدي: إن عمر جاء إلى علي في عصابة فيهم أسيد أبو الحصين وسلمه بن أسلم، فقال: اخرجوا أو لنحرقنها عليكم، ونقل ابن خيزرانة في غرره: قال زيد بن أسلم: كنت ممن حمل الحطب مع عمر إلى باب فاطمة حين امتنع علي وأصحابه عن البيعة أن يبايعوا فقال عمر لفاطمة: أخرجي من في البيت وإلا أحرقته ومن فيه، قال: وفي البيت علي وفاطمة، والحسن والحسين، وجماعه من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فقالت فاطمة: تحرق علي ولدي؟ فقال: إي والله أو ليخرجن وليبايعن. وقال ابن عبد ربه وهو من أعيان السنة: فأما علي والعباس فقعدوا في بيت فاطمة، وقال له أبو بكر: إن أبيا فقاتلهم، فاقبل بقبس من نار علي أن يضرم عليهما الدار، فلقيته فاطمة فقال: يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم. ونحوه روى مصنف كتاب المحاسن وأنفاس الجواهر، فلينظر العاقل من نفسه: هل يجوز له تقليد مثل هؤلاء إن كان هذا نقلهم صحيحا، وإنهم قصدوا بيت النبي صلى الله عليه وآله لاحراق أولاده على شيء لا يجوز هذه العقوبة مع مشاهدتهم تعظيم النبي صلى الله عليه وآله لهم.
كان ذات يوم يخطب فعبر الحسن وهو طفل صغير فنزل من منبره وقطع الخطبة وحمله على كتفه وأصعده المنبر، ثم أكمل الخطبة، وبال الحسين يوما في حجره وهو صغير فزعقوا به فقال: لا ترزموا على ولدي بوله. مع إن جماعه لم يبايعوا فهلا أمر بقتلهم، وبأي اعتبار وجب الانقياد إلى هذه البيعة؟ والنص غير دال عليها ولا العقل. فهذا بعض ما نقله السنة من أطعن على أبي بكر والذنب فيه على الرواه من السنة) (1).
اعتراض ابن رزبهان على العلامة:
أما ابن رزبهان فقد اعترض على العلامة الحلي وجاء بنفس الشبهة التي ذكرها (فضل الله)، وسنذكر نص كلامه استكمالا لذكر كل الشبهات الواردة في المقام وإن لم يذكرها (فضل الله) ولكي نريح أنفسنا من عناء الرد عليها مستقبلا، فقد قال:
(من أسمج ما افتراه الروافض هذا الخبر، وهو إحراق عمر بيت فاطمة وما ذكر أن الطبري ذكره في التاريخ، فالطبري من الروافض مشهور بالتشيع، مع إن علماء بغداد هجروه لغلوه في الرفض والتعصب، وهجروا كتبه ورواياته وأخباره، وكل من نقل هذا الخبر فلا يشك إنه رافضي متعصب يريد إبداء القدح والطعن على الأصحاب، لان العاقل المؤمن الخبير باخبار السلف طاهر عليه إن هذا الخبر كذب صراح وافتراء بين، لا يكون أقبح منه ولا أبعد من أطوار السلف، وذلك لوجوه سبعه: