ج - رأي الشهيد الصدر:
وحتى لا يكون الوحيد في جبهة منكري ما وقع على الزهراء عليها السلام من الظلم أخذ (فضل الله) في نسبة أمور غير واقعية لبعض علمائنا الأبرار، ومن ذلك ما ذكره من تحفظ الشهيد الصدر (رضوان الله تعالى عليه) على وقوع الاحراق وذلك في كتابه (فدك في التاريخ)، وسنذكر هنا مجموعة النصوص التي تعرض فيها الشهيد الصدر (قدس سره) لمسألة التهديد بإحراق البيت حتى يتبين مدى صحة هذه النسبة.
قال الشهيد الصدر (قدس سره):
(إلي يا ذكريات الماضي العزيز حدثيني حديثك الجذاب ورددي على مسامعي كل شئ لأثيرها حربا لا هوادة فيها على هؤلاء الذين ارتفعوا أو ارتفع الناس بهم إلى منبر أبي ومقامه، ولم يعرفوا لآل محمد صلى الله عليه وآله حقوقهم، ولا لبيتهم حرمة تصونه من الاحراق والتخريب...).
(يا مبادئ محمد التي جرت في عروقي منذ ولدت كما يجري الدم في العصب، إن عمر الذي هجم عليك في بيتك المكي الذي أقام النبي مركزا لدعوته قد هجم على آل محمد في دارهم وأشعل النار فيها أو كاد).
(غير إننا نحس ونحن ندرس سياسة الحاكمين بأنهم انتهجوا منذ اللحظة الأولى سياسة معينة تجاه آل المصطفى صلى الله عليه وآله للقضاء على الفكرة التي أمدت الهاشميين بقوة على المعارضة كما خنقوا المعارضة نفسها، ونستطيع أن نصف هذه السياسة بأنها تهدف إلى إلغاء امتياز البيت الهاشمي وإبعاد أنصاره والمخلصين عن المرافق الهامة في جهاز الحكومة الاسلامية يومئذ وتجريده عما له من الشأن والمقام الرفيع في الذهنية الاسلامية. وقد يعزز هذا الرأي عدة ظواهر تاريخية: الأولى: سيرة الخلفاء وأصحابهم مع علي التي بلغت من الشدة أن عمر هدد بحرق بيته وإن كانت فاطمة فيه، ومعنى هذا إعلان أن فاطمة وغير فاطمة من آلها ليس لهم حرمة تمنعهم عن أن يتخذ معهم نفس الطريقة التي سار عليها مع سعد بن عبادة حين أمر الناس بقتله) (1).
وبمراجعة هذه النصوص يتعجب الانسان من كيفية تحميل (فضل الله) كلام الشهيد الصدر (قدس سره) أكثر مما يتحمل، فإن أقوى ما قد يستدل به هو قول الشهيد الصدر: (وأشعل النار فيها أو كاد) مدعوما بقوله: (أن عمر هدد بحرق بيته)، ولكن في هذا تغافل عن قوله في نفس الفقرة الثانية: (قد هجم على آل محمد في دارهم)، فهو يعني إن الهجوم قد حصل في الدار وبداخلها، وهذا ما يشكك فيه (فضل الله)، فهو يعلم أن الاعتراف باقتحام الدار يقرب للذهن بقية أشكال الاعتداء ولذا يسعى للتشكيك في ذلك.