شبهات متبقية بقيت هنا بعض الشبهات التي قد يستشهد بها للقول برؤية الزهراء عليها السلام للدم نذكرها لكي نستوفي حق البحث، وهي:
الشبهة الأولى:
إن بعض الروايات التي ذكرت أن الزهراء عليها السلام لم تر حمرة قط جاء فيها اسم مريم عليها السلام مقرونا بالزهراء عليها السلام، فهي بتول كما أن فاطمة عليها السلام بتول، ومن ذلك ما جاء في الحديث الأول الذي ذكرناه ضمن الروايات المثبتة لطهارة الزهراء عليها السلام، إلا أن بعض الروايات تتنافى مع طهارة مريم عليها السلام وبالتالي يسري التشكيك لمن هي على شاكلتها في هذه الخصوصية كالزهراء عليها السلام، ومن تلك الروايات:
1 - روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمد بن علي، عن محمد بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي قال: (قلت لأبي جعفر عليه السلام: إن المغيرة يزعم أن الحائض تقضي الصلاة كما تقضي الصوم، فقال: ما له لا وفقه الله، إن امرأة عمران قالت: (إني نذرت لك ما في بطني محررا) والمحرر للمسجد لا يخرج منه أبدا، فلما وضعت مريم (قالت رب إني وضعتها أنثى... وليس الذكر كالأنثى)، فلما وضعتها أدخلتها المسجد، فلما بلغت مبلغ النساء أخرجت من المسجد، أنى كانت تجد أياما تقضيها وهي عليها أن تكون الدهر في المسجد) (1). وفي السند ضعف بمحمد بن علي ومحمد بن أحمد.
2 - روى الكليني عن الحسين بن محمد، عن معلى، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: (إن المغيرة بن سعيد روى عنك أنك قلت له: إن الحائض تقضي الصلاة؟ فقال: ما له لا وفقه الله، إن امرأة عمران نذرت ما في بطنها محررا، والمحرر للمسجد يدخله ثم لا يخرج منه أبدا، فلما وضعتها (قالت رب إني وضعتها أنثى... وليس الذكر كالأنثى)، فلما وضعتها أدخلتها المسجد فساهمت عليها الأنبياء فأصابت القرعة زكريا، وكفلها زكريا فلم تخرج من المسجد حتى بلغت فلما بلغت ما تبلغ النساء خرجت، فهل كانت تقدر على أن تقضي تلك الأيام التي خرجت وهي عليها أن تكون الدهر في المسجد) (2). وقد جاء في سند الرواية المعلى بن محمد البصري وهو مختلف في أمره، فالامام الخميني والعلامة المجلسي والمشهور ذهبوا إلى تضعيفه، والسيد الخوئي ذهب إلى توثيقه استنادا لروايته في تفسير القمي، وذهب المامقاني إلى عده من الحسان لكونه شيخ إجازة (3).
(2) الكافي: ج 3، ص 105، ح 4، عنه البحار: ج 14، ص 202، ح 13.
(3) المكاسب المحرمة: ج 1، ص 359. مرآة العقول: ج 13، ص 249. معجم رجال الحديث: ج 18، ص 250 و 257.
تنقيح المقال: ج 3، ص 233. (*)