تجدر الإشارة إلى أن الشيخ المفيد استشهد بحديث الكفؤ في رسالة عقدها لاثبات أفضلية أمير المؤمنين على جميع الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله (1)، ولا يخفى أن الاستدلال بهذا الحديث يقتضي أفضلية الزهراء على بقية الأنبياء والرسل أيضا.
وقد ذهب الشيخ المفيد في رسالته (تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام) إلى أن آية المباهلة تقتضي تساوي أمير المؤمنين مع رسول الله صلى الله عليه وآله في المرتبة والفضل، ولكن لوجود أدلة أخرى على أفضلية النبي صلى الله عليه وآله لذا يقتصر على مورده فقط، ويبقى ما سواه من أفضليته على جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام على مقتضاه (2)، وبناء عليه فليس من المبالغة فيما لو قيل أن فاطمة الزهراء عليها السلام ووفقا لحديث الكفؤ في نفس رتبة أمير المؤمنين عليه السلام لولا ما ورد من أدلة أخرى تدل على أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام على سائر الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، ولعله لهذا الوجه قال الشهيد المطهري في حق الزهراء عليها السلام:
(وفي التاريخ الاسلامي ذاته قديسات كثيرات وجليلات إذ لم يبلغ الدرجة التي بلغتها خديجة الكبرى (رضي الله عنها) من الرجال إلا القليل، كما لم يبلغ درجة الزهراء عليها السلام رجل غير الرسول صلى الله عليه وآله والامام علي عليه السلام، فهي أفضل من أبنائها على أنهم أئمة، وأفضل من كل الأنبياء غير رسول الله صلى الله عليه وآله) (3) مناقشة المجلسي:
يقول العلامة المجلسي تعليقا على ما رواه الكليني في الكافي من حديث الكفؤ:
(يمكن أن يستدل به على كون علي وفاطمة عليهما السلام أشرف من سائر أولي العزم سوى نبينا صلى الله عليهم أجمعين، لا يقال: لا يدل على فضلهما على نوح وإبراهيم لاحتمال عدم كونهما كفوين لكونهما من أجدادهما عليهم السلام، لأنا نقول: ذكر آدم عليه السلام يدل على أن المراد عدم كونهم أكفاء مع قطع النظر عن الموانع الاخر، على أنه يمكن أن يتشبث بعدم القول بالفصل. نعم يمكن أن يناقش في دلالته على فضل فاطمة عليهم بأنه يمكن أن يشترط في الكفاءة كون الزوج أفضل، ولا يبعد ذلك من متفاهم العرف، والله يعلم) (4).
والمناقشة الأخيرة للعلامة المجلسي قد تدل على أن الأنبياء والرسل عليهم السلام في نفس مستوى ورتبة الزهراء عليها السلام من ناحية الفضل في أحسن الأحوال، هذا مع أن الرواية تدل على أنه لا يتقدمها أحد من الأنبياء في الفضل، أما أنها أفضل منهم - إذا قبلنا مناقشة المجلسي - فالرواية ساكتة عن ذلك. ولكن يمكن المناقشة فيما قاله من الصدق العرقي من اشتراط تقدم الزوج على الزوجة في الفضل الكفاءة، ونظرة فيما