هذا والصحيح أنه لا طريق لنا إلى كتاب سليم بن قيس المروي بطريق حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر عنه، وذلك فإن في الطريق محمد بن علي الصيرفي أبا سمينة، وهو ضعيف كذاب...، وكيفما كان فطريق الشيخ إلى كتاب سليم بن قيس بكلا سنديه ضعيف ولا أقل من جهة محمد بن علي الصيرفي أبي سمينة) (1).
وهكذا يظهر أن عمدة الوجوه في مناقشة صحة الكتاب هو الوجه الثالث، أي أن الطريق إلى كتاب سليم بن قيس ضعيف، وإذا لم نقل بأن السيد الخوئي قد يستفاد من قوله السابق - أن كتاب سليم بن قيس صحيح كل ما فيه لما دلت عليه القرائن - إنه يتبنى صحة مضمون الكتاب، فأقل ما يمكن أن يقال هو أن السيد الخوئي لم يجد في متن الكتاب ما يكون في حد ذاته أمرا باطلا أو غير معقول كما يدعيه فضل الله عبر شبهاته التي أثارها، وكما حاول مؤلف (هوامش نقدية) التلويح إليه عند القول بوجود ما يشير إلى سهو المعصوم (2) عليه السلام. والمحقق التستري أشار قبل قليل إلى أن الخبر المسلم كذبه هو خبر وعظ محمد بن أبي بكر، ولكن السيد الخوئي نفى استبعاده صدوره، على أنه لو سلم كذبه فلا يعني إسقاط اعتبار أصل الكتاب، إذ أن وجوه أخبار باطلة أو مكذوبة قلما يخلو منه كتاب، ولاستلزم هذا إسقاط اعتبار معظم الكتب الحديثية.
اختلاف العلماء في أبان:
ثم لا يخفى أن حكم تصحيح أو تضعيف سند كتاب سليم بن قيس مبتن على بعض المباني دون الاخر، فقد ذهب بعض علمائنا إلى اعتبار أخبار أبان بن أبي عياش، كالعلامة المامقاني والشيخ موسى الزنجاني والسيد الصفائي الخونساري وآخرون، فقد قال المامقاني في نتائج التنقيح عنه: (حسن بل ثقة على الأقوى) (3)، وقال في تفصيل ترجمته: (الجزم بضعفه مشكل بعد تسليم مثل سليم بن قيس كتابه إليه وخطابه بابن الأخ، ومن لاحظ حال سليم بن قيس مال إلى كون الرجل متشيعا ممدوحا وإن نسبة وضع كتاب سليم إليه لا أصل لها، وإذا انضم إلى ذلك قول الشيخ أبي علي في المنتهى: (إني رأيت أصل تضعيفه من المخالفين من حيث التشيع) تقوى ذلك، والعلم عند الله تعالى، بل بعد إثبات وثاقة سليم كما سيأتي إن شاء الله تثبت وثاقة أبان هذا بتسليمه الكتاب المذكور) (4).
وقال الشيخ موسى الزنجاني: الأقرب عندي قبول رواياته تبعا لجماعة من متأخري أصحابنا اعتمادا بثقات المحدثين كالصفار وابن بابويه وابن الوليد وغيرهم والرواة الذين يروون عنه، ولاستقامة أخبار الرجل وجودة المتن فيها) (5).