يقاس بالناس، قريب في بعده، بعيد في قربه، فوق كل شئ ولا يقال شئ فوقه، أمام كل شئ ولا يقال له أمام، داخل في الأشياء لا كشيء داخل في شئ، وخارج من الأشياء لا كشيء خارج من شئ، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره، ولكل شئ مبتدأ) (1). فهل نرد هذه الرواية ونصد عن عميق معانيها وعظيم أفقها لضعفها سندا، ولا أقل من جهة الارسال؟! إن معارفها الغزيرة التي تقصر عقولنا عن الإحاطة بجميع أبعادها هي بذاتها أكبر شاهد على صحتها، ونحن في غنى عن إجهاد أنفسنا لاثبات صحة السند في أمثال هذا الحديث.
2 - اشتمال الرواية على العبارات البليغة والمحتوى الرفيع الذي يكشف عن صدورها عن المعصومين، حيث أن كلامهم عليهم السلام فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق، ومن ذلك خطب نهج البلاغة ودعاء كميل ودعاء عرفة ودعاء أبي حمزة الثمالي، ونكتفي في مقام الاستشهاد بما ذكره عدة من الاعلام:
أ - الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء (قدس سره) حينما سئل عن سند دعاء الصباح، فكان مما كتبه في الجواب: (لا يخفى على أحد ان لكل طائفة من أرباب الفنون والعلوم بل لكل أمة بل لكل بلد أسلوبا خاصا من البيان ولهجة متميزة عن غيرها، فلهجة اليزدي غير لهجة الاصفهاني، ونغمة الاصفهاني غير نغمة الطهراني والخراساني، والكل فارسي إيراني، وللأئمة عليهم السلام أسلوب خاص في الثناء على الله والحمد لله والضراعة له والمسألة منه، يعرف ذلك لمن مارس أحاديثهم وأنس بكلامهم وخاض في بحار أدعيتهم ومن حصلت له تلك الملكة وذلك الانس لا شك في أن هذا الدعاء صادر منهم، وهو أشبه ما يكون بأدعية الأمير عليه السلام مثل دعاء كميل وغيره، فإن لكل إمام لهجة خاصة وأسلوبا خاصا على تقاربها وتشابهها جميعا، وهذا الدعاء في أعلى مراتب الفصاحة والبلاغة والمتانة والقوة مع تمام الرغبة والخضوع والاستعارات العجيبة، انظر إلى أول فقرة منه: (يا من دلع لسان الصباح بنطق تبلجه)، وأعجب لبلاغتها وبديع استعارتها، وإذا اتجهت إلى قوله: (يا من دل على ذاته بذاته) تقطع بأنها من كلماتهم عليهم السلام مثل قول زين العابدين: (بك عرفتك وأنت دللتني عليك)، وبالجملة فما أجود ما قال بعض علمائنا الاعلام: (إننا كثيرا ما نصحح الأسانيد بالمتون) فلا يضر بهذا الدعاء الجليل ضعف سنده مع قوة متنه، فقد دل على ذاته) (2) ب - السيد محمد باقر الحسيني المرعشي الداماد فقد قال في بيان العلامات التي يتميز بها الحديث الضعيف من غيره: (ويعرف كون الحديث موضوعا بإقرار واضعه بالوضع أو ما ينزل منزلة الاقرار من قرينة الحال الدالة على الوضع والاختلاق، فبإقراره يحكم على ذلك الحديث بحسب ظاهر الشرع بما يحكم على الموضوع في نفس الامر وإن لم