جهل أم استخفاف بالعقول؟!
سعى مؤلف (هوامش نقدية) بذريعة نقد الآخرين - وبطريقة ملتوية لم يحسن إتقانها - إلى تثبيت التعارض في الروايات المتعرضة لمصدر مصحف فاطمة، فقال:
(وعليه فالتعارض حاصل بين الروايات التي تفيد أن الاملاء عن طريق الملك حصرا وبين الروايات التي تفيد أن الاملاء من رسول الله وكتابة علي عليه السلام. خاصة إذا التفتنا إلى الروايات التي تفيد أن زمن الاملاء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله والروايات التي تفيد أن الاملاء من رسول الله صلى الله عليه وآله نفسه فيكون في حياته) (1).
وفي كلامه عدة مغالطات، فإن الروايات المتعرضة لمصدر مصحف فاطمة لم تفد أن الاملاء كان محصورا بالملك، ولكن من جهة صحة حمل رسول الله صلى الله عليه وآله على الملك وخصوصا مع ملاحظة التعبير المستعمل في الرواية الذي ناسب هذا الحمل قلنا بأن المراد من رسول الله جبرائيل، وإلا فإنه لو ثبت دليل أن نبي الاسلام صلى الله عليه وآله كان يملي على فاطمة عليها السلام بمضمون مصحفها لالتزمنا به وما لزم من ذلك أي تعارض، إذ لا تعارض بين الاثبات والاثبات.
وبناء على ذلك، فإذا قلنا بأن المراد من رسول الله هو جبرائيل فيسقط احتمال أن يكون الاملاء من زمن النبي صلى الله عليه وآله، لان هذا الاحتمال فرع كون المملي هو النبي صلى الله عليه وآله، ومثل هذه المغالطات لا تخلو عن أمرين، فإما أن تكون صادرة عن جهل فتكشف عن سطحية لا تسمح لمرتكبها الخوض في هذه المسائل والرد على عالم محقق كالعلامة السيد جعفر مرتضى العاملي، وإما تكون عن عمد فهي من صور الاستخفاف بعقول القراء، ولكن الحقيقة أنها من استخفاف مرتكبها بنفسه.
خلط وخبط!
وخلاصة الامر فإننا بعد هذا الجمع بين الاخبار نطالب فضل الله بذكر الدليل على أقربية رأيه، وكذلك بذكر المصادر التي تقول إن الامام علي عليه السلام كان ينقل إلى الزهراء عليها السلام الأحاديث عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وتقوم فاطمة عليها السلام بتدوين ذلك في مصحفها، وأيضا ما ذكره أن الامام الحسن عليه السلام قام بذلك، وكذلك نطالبه بذكر المصدر الذي ورد فيه أن الزهراء عليها السلام كانت تتلو الأحاديث التي في مصحفها على نساء المهاجرين والأنصار.
ومن المحتمل قويا أن (فضل الله) قد خلط بين مصحف فاطمة وبين غير ذلك مما قد يكون عندها، فإننا بعد الفحص في مظان وجود تلك الروايات لم نعثر على رواية واحدة عما ذكره. ومع إقرارنا بأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود إنه لابد من إمهاله حتى يورد حجته فإن ما يقوي عندنا هذا الاحتمال ما وجدناه من خلطه