يسمع صوت جبرائيل عليه السلام (1)، واختصاص بعض الاشخاص بأمور لا يعني الأفضلية المطلقة، فمثلا اختص النبي إبراهيم عليه السلام بكونه خليل الله وموسى عليه السلام بكونه كليم الله ولا يلزم من ذلك أفضليتهم من النبي محمد المصطفى صلى الله عليه وآله.
وقد ذكر فضل الله في هذه الجهة التي أثارها حول المتن عبارة غير واضحة الدلالة، فقد قال: (وإن المسألة كانت سماع صوت الملك لا رؤيته)، فإن كان مقصوده إن الامام علي والزهراء عليهما السلام لم يكونا يشاهدان الملك بل يسمعان صوته فقط، فإن الدليل لا يمنع ذلك في حد ذاته بل جاءت الرواية صحيحة بأن المحدث لا يعاين الملك بل يسمع صوته فقط، وسيأتي الكلام عنها قريبا في فصل مصدر مصحف فاطمة عليها السلام.
أما إن كان مقصوده إن الزهراء عليها السلام كانت تسمع الملك دون الامام علي عليه السلام الذي كان يسمع صوت فاطمة عما يذكره الملك لها فليس في هذا استبعاد لعين ما ذكرناه قبل قليل من اختصاصها بذلك كرامة لها ولا يلزم منه الأفضلية المطلقة.
جدير بالذكر إن فضل الله في حواره في الشريط المسجل أشار إلى أن هناك أحاديث صحيحة تدل على خلاف ما ذهب إليه من كون الزهراء عليها السلام هي التي كتبت مصحف فاطمة مضيفا أنه يمكن للانسان أن يناقش متنها، ولكنه في جوابه السادس أنكر كل الأحاديث الصحيحة ولم يذكر حديثا صحيحا واحدا يشير إلى خلاف ما يتبناه، فالروايات التي ناقش متنها هي رواية أبي عبيدة وحماد وقد ضعفهما معا، فأين هي الروايات الصحيحة؟
الرواية الثالثة:
روى محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات الكبرى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن علي بن حمزة، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: (... وعندنا مصحف فاطمة، أما والله ما فيه حرف من القرآن ولكنه إملاء رسول الله وخط علي) (2). ورواة الحديث ثقات كلهم إلا علي بن أبي حمزة البطائني الواقفي، فقد ضعفه السيد الخوئي في معجمه، واستظهر الامام الخميني وثاقته (3)، أما العلامة المامقاني فيرى إنه يؤخذ بخبره ما لم يعارض الخبر الصحيح. ومن الأحاديث التي أكدت على أن الامام علي عليه السلام هو الذي كتب مصحف فاطمة ما رواه الصفار في بصائر الدرجات - باب الأئمة عليهم السلام أنهم أعطوا الجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام، الرواية رقم 5، 14، 18، 19 (4).