والحديث ضعيف بإرساله، وهو وإن لم يصرح فيه بذكر مصحف فاطمة ولكن باعتبار تطابق مضمون الحديث مع بعض ما جاء في صحيحة أبي عبيدة في الكافي ورواية دلائل الإمامة تم إدراجه ضمن أحاديث محتوى مصحف فاطمة.
هل في مصحف فاطمة المواعظ والنصائح؟
وبقراءة جميع الأحاديث السابقة لا نرى فيها أي ذكر (للمواعظ والنصائح) التي تحدث عنها (فضل الله)، ولعله فيما ذهب إليه اتبع قول السيد عبد الحسين شرف الدين (قدس سره) حيث قال: (وبعد فراغه - أي أمير المؤمنين عليه السلام - من الكتاب العزيز ألف لسيدة نساء العالمين كتابا كان يعرف عند أبنائها الطاهرين بمصحف فاطمة، يتضمن أمثالا وحكما، ومواعظ وعبرا، وأخبارا ونوادر توجب لها العزاء عن سيد الأنبياء) (1).
وهذا وهم منه (رحمه الله) واشتباه واضح، فإنه ليس في أحاديث مصحف فاطمة شئ من ذكر (المواعظ والعبر) ولا (الأمثال والحكم)، بالإضافة إلى أن ظاهر كلامه يوحي بأن مصدر مصحف فاطمة هو الامام علي عليه السلام وليس جبرائيل عليه السلام وقد مر بطلان ذلك، فكيف يدعو إلى البحث والتدقيق في كل الموروث العقائدي والروائي من يتبع الآخرين عن تقليد وجهل من غير تحقيق ونظر؟! (2).
وماذا عن الوصايا؟
أما (الوصايا) التي تحدث عنها (فضل الله)، فإن كان يقصد بها عموم الوصايا الأخلاقية - كما يظهر حيث أنه ينسب مصدر هذا المصحف إلى رسول الله صلى الله عليه وآله - فالأحاديث السابقة خالية عن ذكر ذلك، نعم ورد في الحديث الرابع أن في مصحف فاطمة وصيتها، ولا يبعد استظهار هذا المعنى منه إلا أنه ضعيف من جهة الارسال، وقد يكون الحديث الخامس الصحيح مؤيدا له، فقد جاء فيه: (وليخرجوا مصحفا فيه وصية فاطمة). ولكن من المحتمل مع ذلك أن يكون الضمير في قوله عليه السالم: (فإن فيه وصية فاطمة) الوارد في الحديث الرابع عائدا إلى الجفر، وفضل الله ألغى احتمال عودته إلى الجفر لعدم ذكره للحديث كاملا في جوابه السادس، أما الحديث الخامس فإنه لم يحدد المقصود من المصحف الذي فيه وصية فاطمة، فقد يكون شيئا آخر غير مصحف فاطمة كالجفر.