وغاية ما يدل عليه حديث سنن أبي داود هو أن الستار كان موجودا على باب البيت ملاصقا به أو قباله على مسافة قصيره عنه، وليس في ذلك أي دلاله علي نفي وجود الباب أو كون الستار بمثابة الباب، بل إن في الأحاديث السابقة دلاله على أن الستار كان موضوعا لفترة وجيزه ولم يكن كذلك دائما، حيث جاء في مسند احمد:
(إن فاطمة سلام الله عليها جعلت وقتا سترا)، ولو كان وضع الستار أمرا دائما في البيوت يضعونه لكي يعوضوا به عن الباب لما كان هناك أي داع من الزهراء سلام الله عليها لوضع الستار أو نزعه.
ويؤيد كون وضع الستار ليس أمرا دائما في بيوت المدينة ما رواه الترمذي باسناده إلى أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (... وإن مر الرجل على باب لا ستر له غير مغلق فنظر فلا خطيئة عليه، وإنما الخطيئة على أهل البيت) (1). فالحديث فيه إشارة إلى أن بعض البيوت ليس فيها ستر على الباب أو قباله، كما إنه يدل على التغاير والإثنينية ما بين الستر والباب، وفي الحديث تأييد أيضا لما رواه البخاري إن بعض الأبواب كانت من جريد النخل مما يعني وجود فواصل بينهما تسمح لرؤية ما وراءها لم يقرب عينه منها، وهذا ما يفسر ما رواه الصدوق في الفقيه إن رجلا نطر في شق باب إحدى حجرات النبي صلى الله عليه وآله، ولهذا السبب كان يعمد البعض إلى وضع الستر ملاصقا بالباب.
وبهذا يتضح جواب شبهه (فضل الله) التي حاول من خلالها الربط بين نفي وجود الأبواب وبين كون الستر هو أول ما رآه عندما قصد بيت فاطمة.
ولا أدري هل يريد (فضل الله) القول بأن الزهراء عندما نزعت الستر عن بيتها، وبتعبير آخر - وفق تشكيك (فضل الله) - نزعت باب بيتها، بقي بيتها مكشوفا للنظار؟
فإذا كان كذلك فما هو تفسير قوله في الجواب الخامس: (إنه من المؤكد إنهم جاءوا بالحطب ليحرقوا باب البيت)؟ فإذا لم يكن الباب موجودا ولم يكن الستار موجودا فما الذي سيحرق إذن؟
نفي وجود الأبواب في مكة:
نعم عقد الحر العاملي بابا منفردا من أبواب مقدمات الطواف وما يتبعها أورد فيه أحاديث عديده تنص على عدم وجود أبواب لدور مكة وإن أول من فعل ذلك هو معاوية بن أبي سفيان، ونحن نقتطف منه هذين الحديثين:
1 - الكليني عن عده من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (إن معاوية أول من علق على بابه مصراعين بمكة فمنع حاج بيت الله ما قال الله عز وجل (سواء العاكف فيه والباد)، وكان الناس إذا قدموا مكة نزل البادي على الحاضر حتى يقضي حجه، وكان معاوية