الايراد الرابع: ارتكب (فضل الله) مغالطة كبيرة بقوله أن (إظهار الزهراء عليها السلام لمظلوميتها ومظلومية زوجها لا يتحقق بالبكاء بل في خطبتها في المسجد وفي أحاديثها الصريحة وفي حديثها مع الشيخين)، مع أن المقام ليس من مانعة الجمع بحيث يستحيل أن تتخذ الزهراء عليها السلام كلا الأسلوبين في بيان المظلومية، وليس هذا عن (فضل الله) ببعيد فقد اعتدنا على مثيلاتها! (والمكثار كحاطب ليل).
الايراد الخامس: في بعض الروايات ومنها الصحيح أن فاطمة الزهراء عليها السلام بكت على أبيها عندما ظلمها مغتصبو الخلافة، وفي هذا أكبر دلالة على عدم المنافاة بين بكائها على أبيها وبين إظهار مظلوميتها في غصبها فدك وفي مظلومية زوجها في اغتصاب حقه في الخلافة.
فقد روى الشيخ المفيد في أماليه عن محمد بن عمر الجعابي، قال: أخبرنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر الحسني، قال: حدثنا عيسى بن مهران، عن يونس، عن عبد الله بن محمد بن سليمان الهاشمي، عن أبيه، عن جده، عن زينب بنت علي بن أبي طالب عليها السلام قالت: (لما اجتمع رأي أبي بكر على منع فاطمة عليها السلام فدك والعوالي، وآيست من إجابتها لها عدلت إلى قبر أبيها رسول الله فألقت نفسها عليه، وشكت إليه ما فعله القوم بها وبكت حتى بلت تربته بدموعها وندبته، ثم قالت في آخر ندبتها:
قد كان بعدك أنباء وهنبثة لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب إنا فقدناك فقد الأرض وابلها واختل قومك فاشهدهم فقد نكبوا قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا فغبت عنا فكل الخير محتجب فكنت بدرا ونورا يستضاء به عليك ينزل من ذي العزة الكتب تجهمتنا رجال واستخف بنا بعد النبي وكل الخير مغتصب فقد لقينا الذي لم يلقه أحد من البرية لا عجم ولا عرب فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت لنا العيون بتهمال له سكب) (1)