ب - الوجه الثاني: معرفتهم للامام علي عليه السلام واختياره حكما لهم مع ما بين السماء والأرض من البعد، فكيف عرفت ملائكة السماء بمن يكون على الأرض مع اختصاص الملائكة بوظائف معينة، وظاهر الرواية قد يؤيد أن مكان وظيفتهم هو السماء إذ كان من الممكن نزولهم إلى الأرض دون أن يعرج جبرائيل عليه السلام بأمير المؤمنين عليه السلام إليهم.
جواب الوجه الثاني: ما ورد في الاخبار الكثيرة بما يكاد يكون متواترا ومن المسائل التي لا خلاف فيها بين أعلام الطائفة من معرفة الملائكة الموجودين في السماء لأمير المؤمنين منذ أن أشهدهم الله أنوار أهل البيت عليهم السلام مرورا بمناسبات متعددة كالاسراء وتزويج أمير المؤمنين بالزهراء عليها السلام في السماء وبعض فضائل أمير المؤمنين في نصرة دين الله، ونحن سنذكر من باب الاستئناس والتبرك وإدخال البشرى في قلوب محبي أهل البيت عليهم السلام وإحياء ذكرهم وفضائلهم عليهم السلام جملة من الروايات الدالة على ذلك، مع التعرض أحيانا لأسانيدها من باب الإشارة ليس إلا.
أحاديث معرفة الملائكة لأمير المؤمنين عليه السلام ليلة الاسراء: فمن الأحاديث التي وردت حول معرفة الملائكة لأمير المؤمنين عليه السلام عندما أسري بالنبي صلى الله عليه وآله ما يلي:
1 - روى ابن شاذان بإسناده عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
(ما مررت في ليلة أسري بي بشيء من ملكوت السماوات ولا على شئ من الحجب من فوقها إلا وجدتها كلها مشحونة بكرام ملائكة الله تعالى ينادون: هنيئا لك يا محمد فقد أعطيت ما لم يعط أحد قبلك ولا يعطاه أحد بعدك، أعطيت علي بن أبي طالب عليه السلام أخا، وفاطمة زوجته بنتا، والحسن والحسين أولادا، ومحبيهم شيعة. يا محمد إنك أفضل النبيين، وعلي أفضل الوصيين، وفاطمة سيدة نساء العالمين، والحسن والحسين أكرم من دخل الجنان من أولاد المرسلين، وشيعتهم أفضل من تضمنته عرصات القيامة، يشتملون على غرف الجنان وقصورها ومتنزهها، فلم يزالوا يقولون ذلك في مصدري ومرجعي، فلولا أن الله تعالى حجب عنها آذان الثقلين لما بقي أحد إلا سمعها) (1).
2 - ونقل السيد هاشم البحراني في حلية الأبرار وكذلك في مدينة المعاجز ضمن معجزات مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ما رواه الشيخ الكليني في الكافي عن الامام الصادق عليه السلام في حديث المعراج، وجاء فيه: (ثم فتحت أبواب السماء واجتمعت الملائكة فسلمت على النبي صلى الله عليه وآله أفواجا، وقالت: يا محمد كيف أخوك؟ إذا نزلت فاقرأه السلام، قال النبي صلى الله عليه وآله: أفتعرفونه؟ قالوا: وكيف لا نعرفه وقد أخذ ميثاقك وميثاقه منا وميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا، وإنا لنتصفح وجوه شيعته في كل يوم وليلة خمسا - يعنون في وقت كل صلاة - وإنا لنصلي عليك وعليه) (2).