تعليق وجواب:
ومن التعليقات المثيرة للتعجب قول مؤلف (هوامش نقدية):
(وتعليقا على ملاحظات السيد جعفر مرتضى يمكن أن نقول: إن ما ذكره من عدم احترام الرسول صلى الله عليه وآله وعدم سماعه لمن تذمر وانزعج في مجلس رسول الله وقد طلب منه الكتف والدواة، فإن الروايات تصرح بأن الضجيج علا وكثر، وفي بعض الروايات: فتلاوموا... وهو ظاهر في اختلاف الناس. أما تنظيره بما حدث للحسين عليه السلام فالامر مختلف تماما وهو قياس مع الفارق بالوجدان مع أن المنطق التاريخي وطبيعة الأشياء تقتضي الفرق. أما تساؤله عن الدليل في كون القائل: (إن فيها فاطمة) من المهاجمين فهذا مما لا يتوقف عليه الاستبعاد، وإنما فرض استبعاد ضرب الزهراء يتوقف على احتمال بقاء مجموعة من الناس على احترامهم للزهراء عليها السلام وهذا ما لم ينكره السيد مرتضى العاملي، وإن ذلك يفرض جوا ضاغطا يمنع حتى أعداء الزهراء عليها السلام من الاعتداء عليها بشكل سافر كما تصوره الروايات. ولو سلمنا اعتراضه فإن السيد مرتضى ناقض نفسه بهذا التساؤل لأنه نقل من الروايات ما يؤكد أن في المهاجمين من كان يحترم الزهراء) (1).
ويجاب عن توهماته بما يلي:
أولا: إن كثرة الضجيج وارتفاع وتلاوم الحاضرين في المجلس لا ينفي الروايات التي تؤكد تحقق الاختلاف بين الحاضرين، وأن فريقا أيد كتابة الكتاب وفريقا آخر أصر على موقفه من منع كتابته، وفي هذا دلالة كافية على أن الاختلاف لم يمنع الفريق المعترض على التدوين من الاصرار على موقفه في تحدي رغبة النبي الكريم صلى الله عليه وآله، وهذا ما يفسر طلب النبي منهم الانصراف، لأنه لم يكن هناك أي مانع للفريق المعترض من الاستمرار في تشكيكاته إذا ما شدد النبي صلى الله عليه وآله على كتابة الكتاب.
ثانيا: مما لا شك فيه أن الفريق المعترض الذي تزعمه عمر كان يدرك جيدا مضمون الكتاب الذي أراد النبي صلى الله عليه وآله كتابته كي لا يضل المسلمون بعده، وهو التأكيد على بيعة الغدير للامام علي عليه السلام، ولهذا صدرت كلمته النابية: (إن الرجل ليهجر، حسبنا كتاب الله)، ومما لا شك فيه ولا غبار أن بيعة غدير خم تمت مع حضور أغلب الصحابة الذين كانوا في المدينة وكانوا يعلمون جيدا مكانة الامام علي عليه السلام بما سمعوه من النبي صلى الله عليه وآله في عشرات الأحاديث، ومع كل ذلك فلم يمنع ذلك من انقلاب أكثرهم وبيعتهم لأبي بكر وإعراضهم عن أمير المؤمنين عليه السلام إلا ما كان من عدد يسير جدا، أي أن معرفة أغلب الصحابة بمنزلة الامام علي عليه السلام مع تمامية الحجة لم تحل دون مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وآله وارتكاب أكبر جريمة وهي جريمة غصب حق أمير المؤمنين عليه السلام في الحكم التي لولاها لما جرت مذبحة كربلاء وما حل بالاسلام ما حل من ويلات، وهذا هو