مجتمعون، قال: فأتيتهم فإذا جابر الجعفي عليه عمامة خز حمراء، وإذا هو يقول:
حدثني وصي الأوصياء ووارث علم الأنبياء محمد بن علي عليه السلام، قال: فقال الناس:
جن جابر، جن جابر) (1).
وروى الكشي أيضا بإسناده إلى جابر بن يزيد الجعفي قال: (حدثني أبو جعفر عليه السلام بسبعين ألف حديث لم أحدث بها أحدا قط ولا أحدث بها أحدا أبدا، قال جابر:
فقلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك إنك قد حملتني وقرا عظيما حدثتني به من سركم الذي لا أحدث به أحدا، فربما جاش في صدري حتى يأخذني منه شبه الجنون!
قال: يا جابر فإذا كان ذلك فأخرج إلى الجبان فاحفر حفيرة ودل رأسك فيها ثم قال:
حدثني محمد بن علي بكذا وكذا) (2).
وأي مصيبة أعظم من زوال هذه الكنوز وضياعها بين التراب والحفر حيث لم تجد أوعية تتلقاها وقلوبا تضمها وتقدر ثمنها!
ونظرا لتفاوت درجات المعرفة وقصور إيمان البعض بمقامات أهل البيت عليهم السلام، وفي أجواء تسلط مخالفي أهل البيت عليهم السلام على زمام الأمور، نلاحظ أن بعض الشيعة يستغرب من بعض الحقائق التي ثبت روايتها عن طريق أهل السنة بأسانيد صحيحة.
ومن ذلك ما رواه الحاكم النيشابوري عن أبي العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، وأخبرنا محمد بن علي بن دحيم بالكوفة، حدثنا أحمد بن حاتم بن أبي غرزة، قالا: حدثنا عبد الله بن محمد بن سالم، حدثنا حسين بن زيد بن علي، عن عمر بن علي، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام: (إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك). وعقب الحاكم على هذا الحديث بالقول: (هذا حديث صحيح الاسناد، ولم يخرجاه) (3).
وروى الطبراني نفس هذا الحديث كما نقله عنه الهيثمي، وقد عبر الهيثمي عن إسناده بأنه حسن (4). ولكن الذهبي علق على رواية الحاكم في التلخيص بالقول:
(بل حسين منكر الحديث لا يحل أن يحتج به).
مناقشة مع الذهبي لقد دأب الذهبي وأمثاله على رد أي حديث (إذا علموا أن النتائج المترتبة عليه لا تكون في صالح مذهبهم) بأن راويه منكر الحديث إن لم يتهم بالكذب! وهي طريقة سهلة لتضعيف الراوي، وإن كان معروفا بالوثاقة، ويشهد بذلك أمور عديدة منها: