عنه، ويحتجون به في الاذان، زعم إنه سمع ابن هارون عن الحماني، عن أبي بكر بن عياش، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي محذوره رضي الله عنه، قال: كنت غلاما فقال لي النبي صلى الله عليه وآله: اجعل في آخر آذانك حي على خير العمل، وهذا حدثنا به جماعه عن الحضرمي عن يحيى الحماني، وإنما هو اجعل في آخر آذانك الصلاة خير من النوم، تركته ولم أحضر جنازته) (1). ويبدو أنه لهذا السبب عبر عنه ابن حجر ب (الرافضي الكذاب)!
وهنا نكته ينبغي الالتفات إليها وهي أن الحافظ ابن حماد الكوفي ذكر أن ابن أبي دارم كان مستقيما عامه دهره وأنه أخذ يروي أحاديث المثالب في أواخر حياته، ومع ملاحظه أن تاريخ وفاته كان سنه 357 ه يعلم مدى تأثير أجواء القمع والارهاب في كتمان الحقائق. فابن أبى دارم عاصر في أواخر حياته عهد الدولة البويهية وبالتحديد زمن معز الدولة الذي فسح المجال للشيعة للإدلاء بآراءهم (2). ومثل هذا الجو سمح لابن أبى دارم بذكر حقيقة ما جرى على الزهراء سلام الله عليها في أواخر حياته. وهذا يؤكد ما ذكرناه في الفصل السابق من تأثير أجواء البطش والتنكيل في إخفاء الحقائق وعدم ظهورها إلا في فترات يسيره من التاريخ.
مناقشة الكنجي وسبط ابن الجوزي والحارثي:
تجدر الإشارة إلى أن الحافظ الكنجي قال في كتابه كفاية الطالب: (وزاد - أي الشيخ المفيد - على الجمهور وقال: إن فاطمة سلام الله عليها أسقطت بعد النبي ذكرا كان سماه رسول الله صلى الله عليه وآله محسنا، ثم عقب عليه بالقول: وهذا شيء لم يوجد عنه أحد من أهل النقل إلا عند ابن قتيبة) (3).
وقال يوسف بن فرغلي بن عبد الله البغدادي سبط ابن الجوزي (المتوفي سنه 654 ه): (اتفق علماء السير على أنه كان له عليه السلام من الولد ثلاثة وثلاثون، منهم أربعة عشر ذكرا وتسع عشره أنثا، الحسن والحسين وزينب الكبري وأم كلثوم الكبري أمهم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وعلى هذا المتأخرين، وذكر الزبير بن بكار ولدا آخر من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله اسمه محسن مات طفلا) (4).
أما دعوى سبط ابن الجوزي في أن ذكر المحسن ووجوده لم يأت من غير طريق الزبير بن بكار فهو خطأ فاحش، فقد جاء ذلك بعده طرق أخرى، وسنكتفي بذكر واحده منها، فقد روي الحاكم في المستدرك عن أبى العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا موسى، أخبرنا إسرائيل،