4 - وفي المحاسن أيضا عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا سئل الرجل منكم عما لا يعلم فليقل لا أدري ولا يقل الله أعلم فيوقع في قلب صاحبه شكا، وإذا قال المسئول: لا أدري فلا يتهمه السائل) (1).
كيف وجد الاختلاف؟
ولو أن (فضل الله) امتثل لاحاديث أهل البيت عليهم السلام ووصاياهم لما حدثت كل هذه الضجة، ولكنه بجوابه عن كل ما سئل حتى فيما لا يعلمه أوجد هذا الاختلاف والشقاق، وإن موقفه هذا يذكرنا بقول أمير المؤمنين عليه السلام - كما يرويه الكراجكي -: (لو سكت من لا يعلم سقط الاختلاف) (2). وللعلم فقد وجه له بعض المحققين الاجلاء منذ فترة طويلة نصيحة مخلصة لعدم الخوض في الحديث عن المسائل التاريخية، لان ذلك خارج مجال اختصاصه ولكنه لم يصغ لنصيحته فكانت هذه الفتنة، وكان بإمكانه أن يجنب المؤمنين من تبعاتها لو ركن إلى الصمت والتزم بنصيحة المتضلع المشفق.
تذكير بموعظة لامير المؤمنين عليه السلام: ونحن بدورنا نذكرنه ثانية بما رواه الشيخ الصدوق في كتابه المواعظ عن أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه محمد الحنفية:
(وما خلق الله عز وجل شيئا أحسن من الكلام ولا أقبح منه، بالكلام ابيضت الوجوه، وبالكلام اسودت الوجوه. واعلم أن الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به فإذا تكلمت به صرت في وثاقه، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك فإن اللسان كلب عقور فإن أنت خليته عقر، ورب كلمة سلبت نعمة، من سيب عذاره قاده إلى كريهة وفضيحة، ثم لم يخلص من وهده إلا على مقت من الله عز وجل وذم من الناس. قد خاطر بنفسه من استغنى برأيه، ومن استقبل وجوه الاراء عرف مواقع الخطأ، من تورط في الامور غير ناظر في العواقب قد تعرض مقطعات النوائب، والتدبير قبل العوامل يؤمنك من الندم، والعاقل من وعظه التجارب، وفي التجارب علم مستأنف، وفي تقلب الاحوال تعرف جواهر الرجال، الايام تهتك لك عن السرائر الكامنة، فافهم وصيتي هذه ولا تذهبن عنك صفحا فإن خير القول ما نفع) (3).
أسلوب خاص لتغطية الجهل!
ومادام قد بلغ الامر بنا إلى هذه النقطة فمن المناسب الاشارة أن ل (فضل الله) أسلوبه الخاص في التستر على جهله، فهو يسعى دوما أن يوحي إلى مقابله سعة علمه، ولا يعترف بجهله إلا عندما تضيق به السبل ويحصر في زاوية حرجة، أما عندما يجد مهربا مناسبا فإنه يذكر جوابا لا يمكن القول بأنه صحيح ولا باطل لانه لا يتضمن سوى طرح الاحتمالات والاقوال!