والخلاصة بعد كل هذا إنه من المؤكد انهم جاءوا بالحطب ليحرقوا باب البيت، ولكن هناك من يقول انهم دخلوا البيت، وآخر من يقول إنهم اكتفوا بالتهديد... إلخ، حيث وقع الخلاف حول التفاصيل مما أدى إلى وجود آراء متعددة حول المسألة).
* * * أ - هل أحرق بيت الزهراء؟
ويكفي لتفنيد هذا التشكيك هو مخالفته للنصوص الواردة في التاريخ، التي تؤكد على أن القوم جاؤوا بقبس وانهم أشعلوا النار في باب البيت، أما أصل التهديد بالاحراق فقد استفاض ذكره في كتب الحديث والتاريخ، وإليك المصادر التي تتعرض لحدوث واقعة الاحراق:
1 - كتاب سليم بن قيس المتوفى حدود سنة 76 ه فقد جاء فيه: (ثم دعا عمر بالنار فأضرمها في الباب، فأحرق الباب ثم دفعه عمر فاستقبلته فاطمة عليها السلام وصاحت: يا أبتاه يا رسول الله) (1).
2 - الهداية الكبرى للحسين بن حمدان الخصيبي المتوفى سنة 334 ه، فقد جاء فيه:
(وجمع الحطب الجزل على النار لاحراق أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وزينب ورقية وأم كلثوم وفضة وإضرامهم النار على الباب... وأخذ النار في خشب الباب) (2).
3 - إثبات الوصية لعلي بن الحسن المسعودي المتوفى سنة 346 ه كما مر عليك آنفا عند التعرض لمسألة الدخول لبيت الزهراء عليها السلام.
4 - الشافي في الإمامة علي بن الحسين الموسوي (السيد المرتضى) المتوفى سنة 436 ه، فقد جاء فيه: (قال - أي القاضي عبد الجبار الصمداني المعتزلي -: (فأما ما ذكروه من حديث عمر في باب الاحراق فلو صح لم يكن طعنا على عمر لان له أن يهدد من امتنع عن المبايعة إرادة للخلاف على المسلمين لكنه غير ثابت لان أمير المؤمنين قد بايع وكذلك الزبير والمقداد والجماعة، وقد بينا القول في ذلك فيما تقدم وان التمسك بما تواتر به الخبر من بيعتهم أولى من هذه الروايات شاذة)... فأما قوله: (إن حديث الاحراق ما صح، ولو صح لم يكن طعنا لان له أن يهدد من امتنع من المبايعة إرادة للخلاف على المسلمين) فقد بينا أن خبر الاحراق قد رواه غير الشبعة ممن لا يتهم على القوم، وإن دفع الروايات بغير حجة أكثر من نفس المذاهب المختلف فيها لا يجدي شيئا، والذي اعتذر به من حديث الاحراق إذا صح طريف، وأي عذر لمن أراد أن يحرف على أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام منزلهما؟ وهل يكون في مثل ذلك علة يصغى إليها أو تسمع وإنما يكون مخالفا على المسلمين وخارقا لاجماعهم، إذا كان الاجماع