ممن كان الاعتراف بالتوراة؟!
ومن اعتراضات مؤلف (هوامش نقديه) إنكاره على السيد جعفر مرتضى العاملي استشهاده بما روي في المناقب لابن شهر آشوب على عطاء انه قال: (كان في التوراة...، إليا أبو السبطين الحسن والحسين، ومحسن الثالث من ولده...) (1).
وقرر اعتراضه بالصورة التالية: (ولا أدري ما هي الحجة التي استند إليها مرتضى وأوجبت له حصول اليقين أو الوثوق بنسبه هذه الرواية ومضمونها إلى التوراة؟ هل اطلع على التوراة أو قامت الدلائل على صحه نسبتها إليه؟! ولا أدري ما هو موقف السيد مرتضى من الروايات التي تناقلها الرواه عن وجود اسم عمر بن الخطاب في التوراة وفضائله، بل وفضائل غيره) (2).
ويجاب عن هذا الاعتراض الهزيل بما يلي:
أولا: إن مولف الهوامش قد نقل قبل اعتراضه وفي نفس الصفحة أن العلامة السيد الجعفر مرتضى العاملي قد ذهب إلى أن الروايات الواردة عن المعصومين فيما يرتبط بالاعتداء على الزهراء سلام الله عليها متواترة، ومن المعلوم أن التواتر دليل قائم بذاته، وأن ما يذكر من روايات لاثباته لا يحتاج فيها إلى صحه السند بل يكفي العلم الحاصل من المجموع والكثرة، وهو متحقق بالفعل، فلا يلزم الوثوق من كل رواية رواية وبالتالي لا يلزم الوثوق بصحة ما نقله ابن شهر آشوب عن عطاء عما كان في التوراة.
ثانيا: إن هذا الاعتراض غير وارد وإن نقل بثبوت التواتر فان الاستشهاد بمن ينقل عن أنه جاء في التوراة ذكر لأصل وجود السقط محسن عليه السلام يكون في مقام التأييد مع وجود الدليل من مصادرنا، وهو نظير استشهادنا بما ينقل من أنه جاء في الإنجيل البشارة بنبي الاسلام صلى الله عليه وآله أو أنه جاء فيه بعض الأمور الأخرى غير الباطلة كالنصائح الأخلاقية الرفيعة مع علمنا بأن التحريف قد شملها، فلا يعني الاستشهاد بها قبول بقيه مضامينها الفاسدة والمحرفة، والبحث عن المؤيدات أسلوب دارج في الكتب والأبحاث العلمية، وكتب الفقهاء مشحونة بهذا الأسلوب. فلا يلزم مع وجود الدليل من طريق آخر أن يحصل للمرء اليقين بصحة نسبة المقطع السابق للتوراة ولا يلزم أيضا ضرورة الاطلاع الشخصي على التوراة الأصلية للتأكد من وجوده فيها. نعم وجود مثل المقطع السابق قد يبعث على الوثوق بصحة نقل عطاء من ذكر التوراة لأصل وجود السقط المحسن عليه السلام كما أن نقل البعض بأنه كان في الإنجيل التبشير بقدوم النبي محمد صلى الله عليه وآله يوجب اطمئنان النفس بصدق هذا النقل، وإن لم نطلع على الإنجيل الأصلي وكان المقطع محذوفا من الإنجيل الموجود بين أيدينا.