أما من مر على الميقات قاصدا دخول مكة وكان ممن يلزمه الاحرام لدخولها، لكنه لم يرد النسك، فهو في معنى متعمد ترك الاحرام، بل أولى.
(ولو دخل) أحد هؤلاء (مكة) أو الحرم (خرج إلى الميقات) مع الامكان، وأحرم منه كما مر.
(ومع التعذر فمن أدنى الحل، ومع التعذر يحرم من) موضعه (مكة) أو الحرم بلا خلاف في شئ من ذلك أجده، وبه صرح بعض الصحاح المستفيضة المتقدمة إلى جملة منها الإشارة، بعد حمل مطلقها على مقيدها هنا أيضا على نحو ما مضى، وهي وإن اختصت بالناسي والجاهل، إلا أن الأخير ملحق بهما بلا خلاف.
قيل: أما في وجوب خروجه إلى الميقات إذا أمكن وأراد الحج أو عمرة التمتع فظاهر، وأطلق الشافعي إحرامه من موضعه، وأما إجزاء إحرامه من موضعه أو أدنى الحل إذا لم يمكن، فلأن مجاوزته الميقات بلا احرام كانت تجوز له إذا لم يكن يريد النسك، أما نحو الخطاب فظاهر، وأما غيره ممن لا يريد الحرم فللأصل، ومروره - صلى الله عليه وآله - بذي الحليفة مرتين لغزوتي بدر محلا هو وأصحابه، وكأنه لا خلاف فيه (1).
واعلم أن إطلاق العبارة ونحوها بجواز الاحرام من أدنى الحل أو موضعه حيث يتعذر العود إلى الميقات يقتضي عدم وجوب العود إلى ما أمكن من الطريق، وهو مقتض إطلاق أكثر النصوص، إلا أن بعض الصحاح المتقدمة منها يقتضي وجوبه، ويعضده حديث الميسور لا يسقط بالمعسور، وهو فتوى الشهيد، كما قيل (2).