ولا يخلو من وجه، اقتصارا فيما خالف الأصل، الآتي بيانه على المتيقن من الفتوى والنص، وهو ما عدا النية، فإن أطلق الاحرام في الصحيح - بناء على ما يستفاد من المرسلة وغيرها من الأخبار الصحيحة - من أن المراد بالاحرام هو التلبية، وسيأتي في بحثها إليها الإشارة.
ولئن تنزلنا عن كون الاحرام حقيقة فيها نقول: لا ريب في جهالة حقيقته بحسب الفتوى والرواية، إذ لم يستفد منها خلاف ذلك، وكذا من الفتوى، لاختلافها في بيانها.
فبين قائل: بأنها مركبة من النية والتلبية ولبس الثوبين، كالفاضل في المختلف (1).
وقائل: بأنها الأولان خاصة، كالحلي (2).
وقائل بأنها الأول خاصة، كما عن الجمل (3) والمبسوط (4)، وفيه ما عرفته، وقريب منه ما عن الشهيد: من أنها توطين النفس على ترك المنهيات المعهودة إلى أن يأتي بالمناسك والتلبية هي الرابطة لذلك التوطين، فنسبتها إليه كنسبة التحريمة إلى الصلاة، وهي الأفعال المزيلة لذلك الربط، ويتحقق زواله بالكلية بآخرها، أعني التقصير وطواف النساء بالنسبة إلى النسكين (5)، وقائل بغير ذلك (6).