بناء منهم على الفحص، ومن غير انتظارهم إلى حال اليأس عن الظفر بالقيد، أو صدوره عن الإمام المسؤول، أو المعصوم الآخر.
وبالجملة: كان في ابتداء الأمر العمل بالأدلة قبل الفحص متعارفا بلا شبهة، ولو كان الفحص واجبا لبان، لكثرة الابتلاء به، وقد عرفت أن المسألة عنونت عند المتأخرين عنهم في المائة الرابعة (1).
ولا ينبغي المقايسة بين القوانين والكبريات الملقاة للعمل، على ما هو المتعارف في الاسلام، وبين الكيفية المتعارفة في القوانين العرفية الدولية، فإن المتعارف في القوانين العرفية على ضبط العام أولا، ثم ذكر المخصصات والمقيدات، ثم تنشر تلك الكتب المشتملة عليها للعمل والتنفيذ والتطبيق، بخلاف الاسلام فإن المتعارف فيه على نشر العموم والمطلق، ثم ذكر المقيد والقرائن الصارفة والمعينة.
ومن هنا يظهر ما في كلمات السيد الوالد - مد ظله - (2) تبعا لجم غفير منهم (3)، من التشبث بالبناءات العرفية أولا، وبالمتعارف في القوانين العقلائية ثانيا، وأن المقايسة في غير محلها، والبناءات العرفية في مثل العمومات الملقاة من قبل الموالي إلى عبيدهم على عدم الفحص، كما هم ملتزمون به (4)، وليس ذلك إلا لأجل ما أشير إليه في القوانين الإلهية التي تصل إلى العبيد على نعت التدريج، فكان للشرع طريق خاص في التقنين والنشر، وبه يمتاز عن المتعارف اليوم.