الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج ٩ - الصفحة ٤١١
في وقت الظهر في سائر الأيام كي إذا قضوا الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وآله رجعوا إلى رحالهم قبل الليل وذلك سنة إلى يوم القيامة ".
ومنها - صحيحة أبي بصير ومحمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام (1) قال: " من ترك الجمعة ثلاث جمع متوالية طبع الله على قلبه ".
ومنها - صحيحة زرارة (2) قال " حثنا أبو عبد الله عليه السلام على صلاة الجمعة حتى ظننت أنه يريد أن نأتيه فقلت نغدو عليك؟ فقال لا إنما عنيت عندكم " (3).

(١) الوسائل الباب ١ من صلاة الجمعة (٢) الوسائل الباب ٥ من صلاة الجمعة (٣) أورد الوحيد البهبهاني " قدس سره " في تعليقته على المدارك على عد المصنف هذه الصحيحة من أدلة الوجوب التعييني بما ملخصه: أن الاستدلال بها على مدعاه في غاية الغرابة لأن الحث لا يدل على أزيد من الترغيب بل لا خفاء في ظهوره في الاستحباب، أضف إلى ذلك أن زرارة مع عدالته وجلالته وفقاهته كيف يروي عن الباقر " ع " في مرات متعددة ما يدل على وجوب الجمعة تعيينا ويكون شاملا له ويضبطه في أصله المشتهر بين الشيعة ويرويه الأجلة عنه ويدونونه في أصولهم ومع ذلك يتركها حتى يحتاج إلى حث الصادق " ع " عليها، وكيف يكتفي " ع " بالحث ولم ينفعه الإيجاب والتشديد والتأكيد المتعدد من الباقر " ع " وفظاعة عدم الاتيان بها وشناعته، وكان المناسب أن يستفسر " ع " أولا عن سبب تركه فإن اعتذر بوجه صحيح تركه على حاله وإلا بين خطأه فإن لم يرتدع عن تركها أنكر عليه أشد الانكار وهدده بأزيد مما صدر من الباقر " ع " وهو " ع " قد أنكر على حماد عدم اتيانه بالصلاة بحدودها تامة مع أنها من المستحبات بقوله " ع " " ما أقبح بالرجل منكم... " بل كانوا ينكرون " ع " ترك مثل غسل الجمعة والنوافل اليومية ونحو ذلك فكيف بمثل هذه الفريضة من مثل هذا الجليل ولا سيما بعد ايجابات سابقة كثيرة أكيدة شديدة رواها هو بنفسه وكذا نظراؤه كابن مسلم وأبي بصير وغيرهما من الأجلة ودونوها في أصولهم المشهورة، على أنهم كانوا دائما يقرأون القرآن وسورة الجمعة ويفهمون المعنى أحسن منا وكذا الأخبار الصادرة عن المعصومين " ع " ولا سيما ما رووه بأنفسهم وكان بامكانهم الرجوع إلى المعصوم (ع) في معرفة القيود والشروط... إلى أن قال بعد كلام من هذا القيل: ومما يدل بظاهره على عدم الوجوب عينا ما رواه الشيخ في مصباحه والصدوق في أماليه بسند صحيح أنه " ع " قال: " إني أحب للرجل أن لا يخرج من الدنيا حتى يتمتع ولو مرة ويصلي الجمعة ولو مرة " ثم قال: ويظهر منه " قدس سره " في المصباح أن مستند التخيير عندهم هو هذا الحديث ثم قال ما ملخصه: ويؤيده أيضا رواية عبد الملك فإن المراد من الهلاك فيها الموت لا الوقوع في العذاب لأن المناسب لذلك التعليل بترك الفريضة لا الاتيان بالواو الحالية، والظاهر من الخبر أن ترك عبد الملك للجمعة لم يكن عصيانا بل من جهة أنه لم يكن يدري ما يصنع حيث كان يعتقد أنه لا يجوز أن تقام بغير المنصوب من قبل الإمام فأزال الله حيرته بقوله (ع) " صلوا جماعة " أي لا تتوقف إقامتها على المنصوب، ولو كان تركه للتقية لم يكن لسؤاله مناسبة وكذا جوابه (ع) والمستفاد من الخبر - كما لا يخفى على المتأمل فيه - أن منشأ التوبيخ فيه هو عدم صدور الفريضة منه أصلا بحيث لو تحققت منه مرة لم يتوجه التوبيخ إليه ولو كان المراد الوجوب التعييني لكان المناسب أن يقول له كيف تترك فريضة الله في مدة عمرك مرة واحدة لا أن يقول له كيف ينقضي عمرك ولم تتحقق من فريضة الله أصلا... إلى آخر كلامه في المقام ومن أراد الاطلاع عليه فليراجعه.
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»
الفهرست