وروى في الكافي (1) عن ضريس عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال:
" إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون في أتباعه... الحديث ".
وهذه الأخبار - كما ترى - ظاهرة في المراد لا تعتريها النقض ولا الإيراد.
قال بعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين في بعض تحقيقاته: إعلم أيدك الله تعالى أنه يدل على وجوب الجمعة عينا مطلقا كتاب الله تعالى حيث أمر فيه المؤمنين بالسعي إلى ذكر الله وترك البيع بعد النداء للصلاة يوم الجمعة، وهذا الأمر يعم جميعهم إلى يوم القيامة على القول بأن خطاب المشافهة يعم الكل ولا كلام فيه، وأما على القول بأنه يخص الموجودين زمنه صلى الله عليه وآله فلا ريب أن حكمه لم ينسخ في زمنه فهو باق بشروطه الثابتة إلى آخر التكليف لا ناسخ له بعده صلى الله عليه وآله ومنع ثبوته هنا في بعض الأزمنة كزمان الغيبة للاجماع المنقول مما لا يليق، فإن الاجماع المدعى إنما هو على اشتراطه بشرط ولا كلام في انتفاء المشروط حيث انتفى الشرط، إنما الكلام في اثبات الاشتراط وهو على مدعيه وليس على المستدل اثبات العدم ويكفيه عدم وجدان دليله واصلة العدم وهو واضح، والأمر حقيقة في الوجوب على ما حقق. انتهى المراد من نقل كلامه زيد مقامه.
أقول: وبذلك يظهر لك ضعف ما ذهب إليه الفاضل المولى محمد باقر الخراساني في كتاب الذخيرة من جعل الآية المذكورة من المؤيدات لا من الأدلة لهذا الإيراد المذكور في المقام مع ما هو عليه كما عرفت من الانتقاض والانهدام، حيث قال (قدس سره) في الكتاب المذكور بعد ذكر الروايات الدالة على ما اختاره من الوجوب العيني: ويؤيده قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة... " (2) ثم ساق الآية وساق الكلام في بيان دلالتها إلى أن قال: وإنما جعلنا الآية من المؤيدات دون الدلائل إذ لقائل أن ينازع في الآية ويقول المشهور بين المحققين أن الخطابات القرآنية لا تشمل غير الموجودين في زمن الخطاب وإنما