إذ هو خارج عن الصلاة، فظهر أن من عمم النصوص لا تحصل له في التعميم فائدة. انتهى أقول: لا يخفى أن ما ذكره وأورده وارد على من قال بهذه الاجماعات ووافق عليها وجعلها حججا شرعية ومع ذلك كله يقول بالعموم، وأما من لا يعتبر هذه الاجماعات ولا يجعلها دليلا شرعيا وإنما يعتمد على الروايات ويجعل البحث منوطا بها ومعلقا عليها من غير نظر إلى خلاف أو وفاق فلا ريب أن الحق عنده في المسألة هو ما قدمناه كما قدمناه في سابق هذا المورد وأوضحناه.
وأما دعواه - أن كثرة استعمال السهو بمعنى الشك أوجبت الاشتراك بين المعنى الحقيقي للسهو وبين هذا المعنى المجازي لشيوعه وكثرته حتى أنه لا يحمل على أحدهما إلا بالقرينة... الخ. - فإن فيه مع غض النظر عن المناقشة أنه وإن كان الأمر كما ذكره إلا أن التعليلات التي اشتملت عليها الأخبار ظاهرة في العموم، فإن الغرض من المضي في السهو والشك وعدم الالتفات إليهما إنما هو رعاية حال المكلف وتخفيف الأمر عليه بعدم استيلاء الشيطان وتطرقه إليه وهذا أمر مشترك بين الشك والسهو بل ربما كان أظهر في السهو كما يشعر به نقض الصلاة بمعنى ابطالها بالكلية الناشئ عن السهو في ركن حتى تجاوز محله ونحو ذلك.
وأما قوله - مع أن مدلول الروايات المضي في الصلاة... إلى آخره - ففيه أن الظاهر من قولهم " يمضي في شكه ويمضي في صلاته " إنما هو الكناية عن عدم الالتفات إلى ما يوجبه الشك أو السهو من الاتيان بالمشكوك فيه أو الاحتياط أو الاتيان بما سها عنه في محله أو فوات محله أو ما أوجباه من سجود سهو ونحوه، وبالجملة فالمراد جعل ذلك في حكم العدم كأنه لم يمكن ثمة سهو ولا شك بالمرة، وهذا هو المعنى الملائم لتلك التعليلات المشار إليها آنفا من التخفيف على المصلي وأن لا يطمع الشيطان في العود إليه وهو الظاهر كما لا يخفى على الخبير الماهر.
وكيف كان فالمسألة لا تخلو من شوب الاشكال والاحتياط مما لا ينبغي تركه بحال. والله العالم.