كما عرفت، والرواية الدالة عليه صحيحة باصطلاحه صريحة الدلالة لا مجال للقدح في متنها ولا سندها.
(السادس) - أن ما ذكره من العمومات الدالة على تحريم قطع الصلاة لم نقف عليها في خبر من الأخبار ولا نقلها ناقل، وهو من جملة من صرح بذلك في كتاب الصلاة فقال إنه لم يقف على رواية تدل بمنطوقها على ذلك، ثم قال - بعد أن نقل عن جده (قدس سره) تقسيم قطع الصلاة إلى الأقسام الخمسة، ما صورته: " ويمكن المناقشة في جواز القطع في بعض هذه الصور لانتفاء الدليل عليه إلا أنه يمكن المصير إليه لما أشرنا إليه من انتفاء دليل التحريم " انتهى وحينئذ فكيف يستند هنا إلى الأدلة الدالة على تحريم قطع الصلاة مع تصريحه بعدمها؟ ثم العجب كل العجب أنهم يستدلون هنا بتحريم قطع الصلة وظاهرهم - كما سيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الصلاة - الاجماع على تحريم قطعها ومع هذا يحملون صحيحة زرارة ونحوها على الاستحباب وهذا من أوضح المناقضات عند ذوي الألباب.
(السابع) - قوله: " فإن التعليل يقتضي وجوب المضي في الصلاة مع الدخول فيها ولو بتكبيرة الاحرام " فإن فيه أن صحيحة زرارة أيضا قد اشتملت على مثل هذا التعليل وهو قوله في آخرها: " فإن التيمم أحد الطهورين " مع أنه (عليه السلام) صرح في صدرها بأنه يرجع ما لم يركع، ومنه يعلم أن التعليل في حد ذاته وإن كان ظاهره العموم إلا أنه إنما وقع تعليلا للنهي بعد الركوع كما في صحيحة زرارة أو بعد الركعتين كما في الصحيحة التي ذكرها فهو مخصوص بما وقع تعليلا له وإن كان ظاهرة في حد ذاته العموم فإن رواية زرارة الأخيرة ورواية الصيقل قد دلتا على الرجوع بعد صلاة ركعة، وبذلك يتبين لك قوة القول الأول وأن كلماتهم هنا وتعليلاتهم لا تخلو من مجازفة وضعف.
والعجب من السيد المشار إليه - كما لا يخفى على من مارس كتابه وعرف طريقته فيه - أنه مع زيادة مبالغته في التمسك بهذا الاصطلاح المحدث لا يعمل إلا بالخبر الصحيح ويرد في مقابله الأخبار الموثقة بل الحسنة فضلا عن الضعيفة ويخالف الأصحاب في كثير