كثير من دقائق ذلك إلى الرجوع إلى الكتب المعدة في العلوم المذكورة، ولكن لابد من تتبع الكتب بحيث يحصل العلم العادي أو الظن بأحد ما تردد فيه، ولا يقتصر على كتاب أو كتابين كما ترى كثيرا من الفقهاء يقتصرون في المسألة اللغوية على نحو الصحاح وحده، والنحوية على نحو المفصل أو كتاب سيبويه. ولابد مع ذلك من التمهر والاقتدار الكامل والملكة القوية التي لا يحتاج في أكثرها إلى الكتب، وإلا لم يعتمد على فهمه وأخطأ كثيرا. ومن كان كذلك علم من القرآن والسنة ما يحتاج إليه وما لا يحتاج إليه إلا نادرا.
(ويشترط) مع ذلك (أن يكون ذا قوة يتمكن بها من استخراج الفروع من الأصول) أي الجزئيات من الكليات المدلول عليها بالنص أو الإجماع أو بدليل من أدلة العقل. (ولا يكفيه حفظ ذلك) المتقدم من التسعة الأشياء (كله من دون قوة الاستخراج. ولا يشترط معرفة المسائل التي فرعها الفقهاء) من الأصول، ولكن يحسن تتبعها لتقوية ملكة التفريع.
(وفي تجزي الاجتهاد) بأن يقدر على معرفة بعض المسائل عن دليلها التفصيلي بمعرفة مداركها دون بعض (إشكال) من الشك في أنه هل يمكن لمن لم يحصل المعرفة التامة الكافية في جميع المسائل من تحصيلها في بعضها؟
(الأقرب جوازه) لجواز أن لا يعرف من اللغة أو الصرف أو النحو أو من موارد الاستعمال أو من أدلة العقل إلا ما يتعلق بمسألة أو مسائل، كأن يكون آية أو خبر تضمن حكما بالمنطوق وآخر بالمفهوم فعرف الكلمات التي في النص وموارد استعمالاتها، ومن أدلة العقل مفهوم الموافقة أو المخالفة، وعلم أن لا إجماع في المسألة، ولا يعرف سائر أدلة العقل، ولا يعرف من سائر النصوص ألفاظها أو تراكيبها أو موارد استعمالاتها بحيث لا يتمكن من الرجوع إلى الأصول الموضوعة لذلك، أو يتوقف استخراج بعض المسائل من أصولها إلى قوة قريحة لا يتوقف عليها غيرها، والأمر كذلك في هذا وفي معرفة التراكيب وموارد الاستعمالات. وأما في