في عيون الناس ولا نسأل قط عن تحقيق ما سمعناه في حقهم من التهم، ونحفظ أسماعنا وأبصارنا عن مثل ذلك، فمن شق جيب الناس شقوا جيوبه، ومن كان عليه دين قديم قضاه لا محالة.
وكان الحسن البصري رضي الله عنه يقول: والله لقد أدركنا أقواما كانت عيوبهم مستورة فبحثوا عن عيوب الناس فأظهر الله عيوبهم، ورأينا أقواما ليس لهم عيوب فبحثوا عن عيوب الناس فأحدث الله لهم عيوبا، قال: ولقد عايرت مرة رجلا بذنب فلحقني ذلك الذنب بعد خمسة عشرة سنة. ووقع أن فقيرا عندنا في الزاوية تجسس ليلة على أخيه لسوء ظنه به فأصبح في بيت الوالي وحصل له ضرب شديد حتى كاد يموت.
فإياك يا أخي والتجسس على عيب أحد فإن هذا العهد قد قل العمل به في غالب الناس، فلم يزل الواحد منهم يتجسس على معرفة عيوب الناس ونقائصهم، ثم غاية أمره احتقار الناس وازدراؤهم ومخالفة أمر الشارع صلى الله عليه وسلم في قوله:
(المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره).
فيحتاج العامل بهذا العهد إلى سلوك الطريق على يد شيخ مرشد، حتى يصير يحترم الوجود كاملا ويعظه لكونه من شعائر الله كل شئ بما يناسبه على الوجه الشرعي، وأيضا فإنه صنعة الله تعالى وصنعته كلها حسنة، والقبيح إنما هو عارض عرض من حيث الصفات لا الذوات وجميع ما أمرنا الله بمعاداته إنما هو من حيث الصفات، فلو أسلم اليهودي وحسن إسلامه أمرنا بمحبته، فما زالت منه إلا صفة الكفر وذاته لم تتغير.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول من إكرام الله وإكرام رسول الله صلى الله عليه وسلم إكرام جميع المسلمين.
* (والله غفور رحيم) *.
روى الترمذي وابن حبان في صحيحه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد على المنبر فنادى بصوت رفيع فقال: " " يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين، ولا تزدروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله " ".