فقال عمر لك مراكب أو استأجرها وجاهد، فقام على السلطان الحجة، ثم قال له يا مولانا السلطان ما جزاء من نقلك من الكفر إلى الإسلام، ثم من الرق إلى الحرية، ومن الجندي إلى الأمير ومن الأمير إلى السلطان، إلا الشكر، فقال: الحمد لله، ثم قال له: وعن قريب تموت، وينزلونك في حفرة ويغرزون أنفك في التراب، ثم تصير ترابا ثم تبعث، ثم تحاسب وتدعى عليك جميع رعيتك في مصر والشام وقراها، بما أخذته أنت وعمالك منهم ظلما، وتصير تحت أسرهم فاصفر وجه السلطان، وارتعد فسلم الشيخ وخرج، فلما صحا السلطان قال هاتوا هذا الشيخ فأتوا به، فقال ما حاجتكم؟ فقالوا رسم السلطان لك بعشرة آلاف دينار، فقال الشيخ للسلطان ردها إلى من ظلمتهم فيها، ولكن إن كان مولانا السلطان يحتاج إلى مال أقرضته فإني رجل تاجر كثير المال، فقام له السلطان وشيعه وعظمه.
وكان سيدي إبراهيم المتبولي رضي الله عنه يقول: تغير المنكرات بالقول خاص بالعلماء وباليد خاص بالولاة وبالقلب خاص بأولياء الله تعالى، وعمدة التغيير في كل عصر إنما هو على العلماء العاملين والأئمة المجتهدين رضي الله عنه أجمعين، وأما الفقراء فإنما يقع منهم تغيير بقلوبهم في نادر من الزمان وذلك أن يتوجه أحدهم بقلبه إلى الله تعالى في إزالة ذلك المنكر من ذلك المكان فيزول بقدرة الله عز وجل، هذه صورة تغييرهم المنكر بقلوبهم، وأما قوله في الحديث:
وذلك أضعف الإيمان.
فلا ينافي ما ذكرناه، فإن الإيمان يضعف من جهتين إحداهما مذمومة والأخرى محمودة فأما المذمومة فالمراد بها ضعف اليقين والشك، وأما المحمودة فالمراد بها رقة الحجاب، إذ الإيمان لا يكون إلا من خلف حجاب، فكلما ترقى العبد إلى مقام الإحسان الذي هو مقام حضرة الشهود، وضعف حجاب الإيمان ورق قوى مقام الشهود، ومن قوى مقام شهوده على مقام إيمانه فليس بمذموم فتأمل، فنسأل الله تعالى أن يلطف بنا وبعلمائنا في هذا الزمان، ويخرجنا منه على التوحيد إنه سميع قريب مجيب آمين.
روى الشيخان وغيرهما عن عبادة بن الصامت قال:
بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.