أتاه إبليس في المنام ليسخر به فإن من لا يطلق بصره إلى محرم ولا يتفكر فيه لا يحتلم أبدا ولذلك لم يقع الاحتلام إلا من المريدين والعوام دون الأكابر فإن الأكابر إما معصومون كالأنبياء أو محفوظون كالأولياء ثم إن وقع أن أحدا من أكابر الأولياء احتلم فإنما يكون ذلك في حليلته من زوجه أو جاريه لا فيما لا يحل له وسببه غفلته عن تدبير جسده لما هو عليه من الاشتغال بالله عز وجل أو أمر المسلمين كما بلغنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه احتلم في جاريته وقال: قد ابتلينا بهذا الأمر منذ اشتغلنا بأمر المسلمين.
وأما دليلهم في مؤاخذة المريد بمد رجله من غير ضرورة في ليل أو نهار فهو علمهم بأن المريد بين يدي الله عز وجل على الدوام شعر بذلك أم لم يشعر فأرادوا منه أن يواظب على ترك مد رجله بحكم الإيمان على أنه بين يدي الله حتى ينكشف حجابه ويشهد الأمر يقينا وشهودا وهناك يرى ضربه بالسيف أهون عليه من مد رجله لغير حاجه بل لو خير بين مد رجله ودخول النار لاختار دخول النار وقد بلغنا عن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه أنه قال: مددت رجلي بالليل وأنا جالس أقرأ وردي وإذا بهاتف يقول يا إبراهيم ما هكذا ينبغي مجالسة الملوك. قالوا فما مد إبراهيم رجله حتى مات بعد عشرين سنه. فعلم من مجموع ما قررناه من باب أولى أن أهل الله عز وجل لا يسامحون المريد بارتكابه شيئا من المكروهات فضلا عن المحرمات الظاهرة أو الباطنة وأن طريقهم محررة على موافقة الكتاب والسنة كتحرير الذهب بخلاف ما يظنه من لا علم له بطريقهم وقد أجمع أهل الله تعالى على أنه لا يصح دخول حضرة الله تعالى في صلاة وغيرها إلا لمن تطهر من سائر الصفات المذمومة ظاهرا أو باطنا بدليل عدم صحة الصلاة لمن صلى وفي ثوبه أو بدنه نجاسة غير معفو عنها أو ترك لمعه من أعضائه بغير طهارة ومن لم يتطهر كذلك فصلاته صورة لا روح فيها لا حقيقية كما أن من احتجب عن شهود الحق تعالى بقلبه في لحظة من صلاته بطلت صلاته عند القوم كذلك وقد نبه الشارع صلى الله عليه وسلم باشتراط الطهارة الظاهرة على اشتراط الطهارة الباطنة فأراد أهل الله تعالى من المريد أن يطابق في الطهارة بين باطنه وظاهره ليخرج من صفة النفاق ف إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار