وجوارحه كل جارحة في بلد أو حارة، وذلك لا يصح وقد قالوا في المثل السائر: من مشى في غير طريق يتيه ولو كان في النهار.
فاسلك يا أخي على يد شيخ ليدلك على طريق الوصول إلى الحضور والخشوع، ولا تكبر نفسك عليه وتقول أنا عالم فتخسر فإن من شرط العلم أن يعرف دواء كل علة وينزل الدواء على الداء، ومن قال دواء الحمى مثلا كذا وكذا وهو لم يعرف الحمى كأنه لم يعلم شيئا، وقد ذكرنا في عهود المشايخ أنه يجب على كل فقيه أن يتخذ له شيخا يدله على الطريق التي تسهل عليه الوصول إلى درجة العمل بما علم ليكمل نفعه لنفسه وللناس، ولا يكون كالشمعة التي تضئ على الناس وتحرق نفسها وقد قال تعالى:
* (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر) *.
أي أكبر ما فيها كتلاوة القرآن غافلا والركوع والسجود وغير ذلك والمراد بذكر الله هنا شهود العبد ربه بقلبه أو علمه بأنه في حضرته تعالى والحق ناظر إليه فمن صلى كذلك نهته صلاته عن الفحشاء والمنكر خارجها لاستصحاب شهوده إن الله تعالى يراه التي هي حضرة الإحسان، وأما من لم يحضر في صلاته فليس معه من الحضور ذرة حتى يستصحبها خارج الصلاة وذلك تجد خلقا كثيرا مواظبين على الصلاة ويقعون في كل فاحشة ورذيلة وهذا أولى من تفسير من قال المراد بكون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر أنه ما دام فيها من حين يحرم بها إلى أن يسلم منها لا يتصور منهم معصية، فتأمل ذلك وحرره.
واعلم يا أخي أن من لم يتصور له الحضور في الصلاة ففي حضرة خسر هو، والله لا يحب الخاسرين.
وقد قال بعضهم: إن العبد لا يتنعم في الآخرة إلا بمقام حصله هنا، وإن كل من لم يحصل مقاما في هذه الدار لا يعطاه في الآخرة:
* (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) *.
لحجابهم عن دخول حضرته في دار الدنيا، وإن تفاوت حجاب المؤمن والكافر.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: لولا دخول الأولياء حضرة الإحسان ما حفظوا من المعاصي.
قال: وقد دخلها الإمام الليث بن سعد، والإمام الشافعي رضي الله عنهما، فكان كل