بالخضر عليه السلام كثيرا، قال: كنت مع سيدي إبراهيم في مصر ثم رجعنا إلى بركة الحاج فمر على بستان النخيل الذي غرسه في البركة، فقال سيدي إبراهيم ما هذه النخيل؟
فقلنا هذا بستانكم، فقال من غرسه فقلنا له أنتم، فقال: وعزة ربي أنا لي منذ سبعة عشر سنة ما خرجت من حضرة الله تعالى، ولكن أستحي إن خطر على بالي وأنا في حضرة الله أن أغرس بستانا أو أبني زاوية يأوي إليها الغرباء والحجاج، فلعل الله تعالى أرسل ملكا على صورتي فغرسه، هذا لفظه لي رضي الله عنه.
فاعلم أن من لم يسلك طريق القوم فهو واقف مع شهود الخلق دون الحق، فلا يحصل له خشوع غالبا لعدم إدراكه لتجليات الحق جل وعلا التي دكت الجبال دكا وخر منها السيد موسى عليه الصلاة والسلام صعقا.
وكان سيدي علي المرصفي رحمه الله يقول: ما قطع بعض أهل الجدال عن الوصول إلى مقامات الأولياء وكراماتهم إلا دعواهم أنهم أعلم بالله منهم وخوفهم على علمهم الذي به رياستهم أن ينسى حين يتبعون طريق الفقراء وهو خديعة من النفس والشيطان، فإن طريق الفقراء لا تزيدهم ألا علما إلى علمهم وجلاء لقلوبهم وحضورا في عباداتهم.
قلت: وليس مرادنا بالفقراء هؤلاء الذين ظهروا في النصف الثاني من القرن العاشر في الزوايا وعقدوا مجالس الذكر، فإن الفقهاء بيقين أحسن من هؤلاء وأعلى مقاما لزيادتهم عليهم في العلم والفهم في الكتاب والسنة، وكلام الأئمة، وإنما مرادنا العارفون بالله تعالى وبسائر مذاهب المجتهدين ومقلديهم الذين أتتهم تلك العلوم من طريق الوهب وهؤلاء قليلون في مصر، ولكن من صدق أوقعه الله تعالى عليهم.
وقد كان الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله يقول: وهل ثم طريق غير ما فهمناه من الكتاب والسنة وينفي طريق القوم، فلما اجتمع بسيدي الشيخ أبي الحسن الشاذلي وأخذ عنه صار يقول: ما قعد على قواعد الشريعة التي لا تهدم إلا الصوفية، قال: ومما يدلك على ذلك ما يقع على يد أحدهم من الكرامات والخوارق ولا يقع شئ منها على يد غيرهم، ولو بلغ في العلم ما بلغ هذا لفظه في كتاب ألفه في طريق الصوفية سماه التقريب، وكذلك بلغنا عن الغزالي قبل اجتماعه بشيخه البازغاني رحمه الله.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: غاية حضور العالم في الصلاة أن يتدبر فيما يقرؤه، ويلقى باله لمخارج الحروف واستنباط الأحكام، وهذه كلها أمور مفرقة