من الغاشية وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم نص على أن تكون القراءة في الركعة الثانية دون الأولى والقراءة في الرابعة دون الثالثة.
وفي حديث عائشة: وكانت صلاته بعد إلى التخفيف.
ومن الحكمة في ذلك كون النفس تزهق من طول الوقوف بين يدي الله عز وجل عجزا أو مع الغفلة إذ لا يقدر كل أحد على مراعاة كونه بين يدي الله عز وجل على الدوام من غير أن يتخلل ذلك شهود الكون، فإن ذلك ليس من مقدور البشر إلا أن يمن الله تعالى بذلك على بعض أصفيائه.
وتأمل يا أخي نفسك إذا طول الإمام الثانية على الأولى أو طول الدعاء في التكبيرة الرابعة في صلاة الجنازة تكاد روحك تخرج من حضرة الله عز وجل، ولا يصير واقفا يصلي منك إلا الجسم فقط، وتلك الصلاة لا تصلح للقبول بل هي إلى الرد أقرب كما مر في عهد الخشوع في قسم المأمورات.
واعلم يا أخي أن الاعتدال قد وردت فيه أحاديث في تطويله وتقصيره، فروى البخاري:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطول الاعتدال حتى نقول إنه نسي.
وفي رواية: كان إذا جلس بين السجدتين كأنما جلس على الرضف يعني الحجارة المحماة.
فأما الإمام أبو حنيفة فقال: يجب الاعتدال في الرفع عن الركوع والسجود بقدر ما يفصل الركن من الركن، لأن الاعتدال في هذين الموضعين إنما شرع تنفيسا للمصلي مع الحضور من المشقة العظيمة التي تجلت له في ركوعه وسجوده.
وأما الإمام الشافعي فقال: يجب الاعتدال عن الركوع والسجود حتى يرد كل عضو إلى موضعه التي هي حالة القيام.
وقد بسطنا الكلام على ذلك في أسرار الصلاة فراجعه. والله أعلم.
روى الإمام أحمد وابن ماجة وغيرهما مرفوعا:
" " لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود " ".