به كثير من الناس اليوم حتى بعض العلماء فيجامع أحدهم قبل النوم وبعد العشاء، وينام جنبا حتى يطلع النهار ويخرج إلى الحمام، وربما لم يخرج من الحمام إلى ضحوة النهار كما شاهدت ذلك من بعض الناس.
وقد وقع لي أنني نمت مرة على جنابة فسمعت قائلا يقول لي: من نام على جنابة تعسرت عليه أسباب رزقه، فلا يحصل له الرغيف حتى تكاد تزهق روحه، فمن ذلك اليوم وأنا أخاف من النوم على جنابة، وربما كان الوقت بارد ولم أجد ما أسخن به الماء فأغتسل بالماء البارد، بعد أن أقول بتوجه تام يا رب احمل عني ضرر هذا الماء، فإنك تعلم أنني ما تحملت مشقة هذا الماء، إلا إجلالا لك يا ربي وتعظيما أن أجالسك على جنابة، فلا يضرني استعمال ذلك الماء البارد فإن رأيت عندي ضعفا في التوجه وخفت على رأسي استعملت الماء البارد فيما عدا الرأس وتيممت عنه إلى أن أجد الماء المسخن، فينبغي تعليم المرأة ذلك فإن كان توجهها ضعيفا أو قليلة الدين، فقلل يا أخي الجماع أو أعطها ثمن ماء الحمام:
وعبارة المنهاج وعليه ثمن ماء غسل جماع أو نفاس لا حيض واحتلام.
وكان سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: استعملوا ماء البئر في الشتاء فإنه أنفع من ماء الحمام، لأن ماء البئر يعقبه حرارة وماء الحمام يعقبه برودة، وإذا ألف البدن استعمال الماء البارد ذهبت ضرورته إن شاء الله تعالى، فاعلم أنه لا يقدر على العمل بهذا العهد إلا من صدق في محبة الله عز وجل ومحبة أهل حضرتهم من الأنبياء والأولياء فإن الجنابة حضرة بعد وجفاء وحجاب عن الله عز وجل وأهل حضرته والمحب لا يصبر على عدم شهود محبوبه طرفة عين.
وقد كان الشبلي رحمه الله يقول: اللهم مهما عذبتني بشئ فلا تعذبني بذل الحجاب.
وكان أخي الشيخ أبو العباس الحريثي رحمه الله يضع إناء الماء قريبا من محل الجماع، فإذا قضى وطره اغتسل على الفور وهو في غاية الخجل من الله تعالى من خوفه أن تكون النية في ذلك الجماع دخلها شئ من الحظوظ النفسانية، مع أن ذلك الحظ يدق مع العارف ولا ينقطع، وبعض العارفين يقلب لذة الجماع إلى وجه مرضى عند الله تعالى، وذلك لأن العارف يعلم أن فيه مجموع الأضداد، ففيه من يطلب اللذة النفسانية المباحة ولو وصل أعلى المقامات وهو مسؤول عن توفية حقوق رعيته كلها، وبعضهم يحضر مع الله تعالى في حال جماعه كما يحضر في صلاته سواء بجامع أن كلا منهما مأمور به، وهذا أمر لا يقع