ولا نكتمه عن أحد علمنا منه الإخلاص فيه ولو كفر هو بتعليمنا له، كما أن من شرط المعلم كذلك الإخلاص:
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمة الله يقول: من علامة إخلاص المعلم أن لا يلتفت إلى اعتراف الناس بتعليمه أو كفرانهم به، وكل من تكدر ممن تركه من طلبته وقرأ على غيره فما شم للإخلاص رائحة وهو مراء بعلمه.
وعبارة الإمام النووي في كتاب التبيان وفي مقدمة شرح المهذب. فاعلم أن من أهم ما يؤمر به المعلم أن لا يتأذى ممن يقرأ على غيره قال: وهذه مصيبة يبتلى بها جهلة المعلمين لغباوتهم وفساد نيتهم وهو من الدلائل الصريحة على عدم إرادتهم بالتعليم وجه الله الكريم.
وسمعت شيخنا شيخ الإسلام زكريا رحمه الله يقول: إياك أن تكتم العلم عن عدوك فإن الشرع حقيقة إنما هو لله ورسوله، ومن شرط كل محب لله ورسوله أن يحب نشر ما شرعه الله ورسوله في جميع الخلق سواء كانوا أصدقاء أو أعداء.
وقد جاء التحذير العظيم في حق من كتم العلم عن أهله كما سيأتي في الأحاديث وكان الإمام الشافعي رضي الله عنه ينشد:
أأنشر علما بين راعية الغنم * وأنثر منظوما لسارحة النعم إلى أن قال:
فإن يسر الله الكريم بفضله * وأدركت أهلا للعلوم وللحكم بثثت مفيدا واستفدت ودادهم * وإلا فمخزون لدي ومكتتم ومن منح الجهال علما أضاعه * ومن منع المستوجبين فقد ظلم وسمعت أخي أفضل الدين رحمه الله يقول: إنما توعد الشارع صلى الله عليه وسلم السلف الصالح إذا كتموا العلم تشجيعا لهم حتى يتكلموا به لخوفهم من الشهرة، وأما الناس اليوم فلو كان التحذير في الكلام لتكلموا ولم يسكتوا، فكان السلف الصالح لكثرة إخلاصهم يود كل واحد منهم أن لو كانت الشهرة بالعلم لأخيه فكانوا يقوون نور إخوانهم ويضعفون نورهم عند الناس، وربما عرضت المسألة الواحدة على ثلاثين نفسا وكل منهم يردها حتى تجئ إلى الأول خوفا من القول في دين الله بالرأي.