في لبسه، وكذلك القول في لباس كل خرقة من الخرق، إن لم يمشي الإنسان على قدم أصحابها وإلا فليتركها، وأين قدم الشيخ عبد القادر الجيلي وسيدي أحمد الرفاعي، وسيدي إبراهيم الدسوقي مثلا من أقدام من يلبس خرقتهم اليوم.
وقد رأيت خليفة سيدي أحمد البدوي وهو لابس عمامة سيدي أحمد، وبشت سيدي عبد العال، وجهه مصفر كالذي له شهر ضعيف، فقلت له ما سبب هذا الاصفرار؟
فقال من هيبة صاحب العمامة والبشت، ثم قال والله إني لما ألبسهما أحس بأن عظمي ولحمي ذائب انتهى.
وقد رأى سيدي أحمد الرفاعي يوما مريدا لبس جبة بيضاء، فقال يا ولدي لقد لبست لبسة الأنبياء وتحليت بحلية الأصفياء، فإن لم تسلك طريقهم وإلا فانزع لبستهم، فاعلم ذلك.
وكان على هذا القدم من الأشياخ الذين أدركناهم سيدي الشيخ أبو العباس الغمري وسيدي إبراهيم الشاذلي، وسيدي علي المرصفي، وسيدي محمد الشناوي، فكانوا لا يتميزون عن العامة في لبس رضي الله عنهم أجمعين.
وسمعت الشيخ أمين الدين رحمه الله يقول: سمعت سيدي أبا العباس الغمري يقول لسيدي محمد بن عنان: الظهور يقطع الظهور، وربما استوفى من أظهر صلاحه في هذه الدار جزاء أعماله كلها من كثرة الاعتقاد فيه، وقضاء حوائجه وإرسال الهدايا له، ونحو ذلك فيذهب إلى الآخرة صفر اليدين من الأعمال الصالحة.
فاعلم أن الله تعالى ما طلب منا إلا أن نعبده خالصا لوجهه لا نشرك بعبادته أحدا من خلقه حتى أنفسنا إلا بقدر نسبة العمل إلينا لأجل التكليف، فيا خسارة من يرائي بعمله في هذه الدار، ويا ندامته يوم القيامة فإنه ليس مع الخلق الذين راءاهم شئ يعطونه له يوم القيامة في نظير مراءاتهم، ولا هو عبد الله تعالى حتى يثيبه على عبادته قال تعالى:
* (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) *.
وقد سمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: من شرط العمل الصالح أن لا يرى به نفسه على أحد من خلق الله تعالى، فمتى رأى له به فضل على أحد خرج عن كونه صالحا إلا إن قصد بذلك الشكر انتهى.