وكذلك القول في الحدث الأصغر والأكبر، لا سيما إن كان عصى به كأن قبل أجنبية أو باشر حائضا فينبغي المبادرة إلى الطهارة من ذلك كما نبادر بالتوبة بل بعضهم أوجب المبادرة فورا إلى الغسل من الجنابة التي عصى بها كما هو مقرر في كتب الفقه، وربما أخر الإنسان الغسل إلى غسل النجاسة عن بدنه حتى دخل وقت الصلاة فلا يفرغ من ذلك حتى تفوته صلاة الجماعة، وهذا العهد مفقود بإزالة النجاسة الحسية ويقاس على ذلك النجاسة المعنوية المتعلقة بالباطن كسوء الظن بأحد من المسلمين أو حدوث رياء أو حسد أو غل أو حقد، أو عجب أو كبر أو نحو ذلك من المعاصي الباطنة، ولذلك ورد:
إن عامة عذاب القبر من البول.
مع أنه معدود من النجاسة الظاهرة، فالباطنة أولى لأن القلب محل نظر الرب كما يليق بجلاله قال صلى الله عليه وسلم:
أن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم. رواه مسلم.
وأيضا فكما لا تصح صلاة أحدنا وفي ظاهر جسده لمعة لم يصبها الماء أو نجاسة لا يعفى عنها فكذلك القول في نجاسة الأخلاق الردية.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: أجمع الأئمة على وجوب الخلوص من النجاسات الباطنة وعدوها من الكبائر كما يدل لذلك ما ورد من الأحاديث كعقوق الوالدين والكبر والشك في الله والحقد والغل وغير ذلك، وقد ورد:
لا يرفع للعاق عمل إلى السماء ولا للمشاحن.
فعدم رفع العمل يدل على عدم صحته، كما لو تعاطى مبطلا ظاهرا بترك شرط من شروط الصلاة، قال وما جعل الشرع الطهارة على الأعضاء الظاهرة إلا ليتنبه المكلف على الأخذ في طهارة محل نظر الله من باب أولى كلما تطهر فإن الحضرة محرم دخولها على من كان عليه نجاسة ظاهرة أو باطنة ولو أراد أن يدخل لما قدر وقد أغفل هذا غالب الناس اليوم فترى أحدهم يأكل حراما ويستغيب الناس ويقع في أعراضهم، ويقع في النميمة وغير ذلك ثم يصير يدلك يده بالماء ويتوسوس في الوضوء حتى ربما غسل العضو أكثر من ثلاث مرات لغلبة نظره إلى ظاهره دون باطنه.
ومعلوم أن من كمال الإيمان المطابقة بين الظاهر والباطن في الطهارة.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يدخل به حضرات الإيمان حتى يشرف