وكان بكر بن عبد الله المزني رضي الله عنه يقول: علامة المرائي بعلمه أن يرغب الناس في العلم ليقرؤوا عليه، ثم أنه إذا شاوره أحد في القراءة على غيره لا يرغبه كل ذلك الترغيب.
وكان عبد الله بن المبارك رضي الله عنه يقول: قد غلب على القراء في هذا الزمان أكل الحرام والشبهات حتى أنهم غرقوا في شهوة بطونهم وفرجهم واتخذوا علمهم شبكة يصطادون بها الدنيا فإياكم ومجالستهم. وكان يقول لولا نقص دخل على أهل الحديث والفقه لكانوا أفضل الناس ولكنهم صاروا يحترفون بعلمهم ويصطادون به الدنيا فهانوا في ملكوت السماوات والأرض. وكان يقول من عقل الرجل أن لا يطلب الزيادة من العلم إلا إذا عمل بما علم فيتعلم العلم كي يعمل به إذ العلم إنما يطلب للعمل.
وكان الشعبي رضي الله عنه يقول: اطلبوا العلم وأنتم تبكون، فإن أحدكم إنما يريد به زيادة إقامة الحجة على نفسه يوم القيامة.
ولما ترك بشر الحافي الجلوس لإملاء الحديث قالوا له ماذا تقول لربك إذا قال لك يوم القيامة لم لا تعلم عبادي العلم؟ فقال أقول له يا رب قد أمرتني فيه بالإخلاص ولم أجد في نفسي إخلاصا.
وكان سفيان الثوري يقول: إذا رأيتم طالب العلم يخلط في مطعمه ويأكل كل ما وجد فال تعلموه العلم فإن من لا يعمل بعلمه شبيه بشجر الحنظل كلما ازداد ريا بالماء ازداد مرارة. وكان يقول: لو أن عبدا تعلم العلم كله ثم عبد الله تعالى حتى يصير كالسارية أو الشن البالي، ثم لم يفتش على ما يدخل جوفه، أحلال هو أم حرام، ما تقبل الله منه. وكان يقول: والله لقد أدركنا أقواما يروضون الطالب سنين كثيرة ولا يعلمونه شيئا من العلم حتى يظهر لهم صلاح نيته في العلم.
وكان عبد الرحمن بن القاسم يقول: خدمت الإمام مالكا رحمه الله تعالى عشرين سنة فكان منها سنتان في العلم وثمانية عشر سنة في تعليم الأدب، فيا ليتني جعلت المدة كلها أدبا.
وكان الإمام الشافعي رحمه الله يقول: قال لي مالك رحمه الله يا محمد اجعل علمك ملحا وأدبك دقيقا.
وقال أبو عصمة: بت ليلة عند الإمام أحمد أطلب الحديث فوضع لي إناء فيه ماء للتهجد فجاء إلى صلاة الصبح فوجد الإناء بحاله، فقال لي لماذا جئت؟ فقلت جئت أطلب الحديث فقال كيف أعلمك الحديث وليس لك تهجد في الليل؟ اذهب لحال سبيلك.