في عقائدهم فنميط الأذى عنها بما أطلعنا الله تعالى عليه من طريق كشفنا للحقائق، فيكتب لنا إن شاء الله نظير الثواب الذي ورد لمن أماط الأذى المحسوس كالحجر والشوك.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى سلوك على يد شيخ لا أحد عنده أعلى منه معرفة بالله عز وجل ليزيل الشبهة العارضة في عقائد أهل الأفكار من أكابر العلماء، فضلا عن غيرهم.
وقد وضعت في ذلك ميزانا نحو كراسة، أزلت بها غالب الإشكالات التي في مذاهب الفرق الإسلامية، كالجبرية والمعتزلة.
ووضعت ميزانا أخرى تزيل الشبه التي تعرض للعبد في طريق المعرفة بالله تعالى حاصلها أن الله تعالى لم يكلف عبدا بأن يعرف الله تعالى كما يعرف الله نفسه أبدا، وإن الله تعالى بنفسه علما اختص به لا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل، لأنهم لو علموه لساووه في العلم، ولا قائل بذلك من جميع الملل فضلا عن دين الإسلام، وذلك أنه تعالى لا يتحد مع عباده في حد ولا حقيقة ولا فصل ولا جنس.
فرد يا أخي جميع ما ورد في الآيات والأخبار من التنزيه إلى مرتبة علمه بنفسه، ورد جميع ما ورد في الآيات والأخبار من الصفات التي ظاهرها التشبيه إلى مرتبة علم خلقه تعالى به، فما أحوج الناس إلى التأويل إلا ظنهم بأن الله تعالى كلفهم بتعقل مرتبة التنزيه التي لا يتعقلونها، وإلا فلو علموا أنها خاصة به تعالى ما أولوا شيئا وكان يكفيهم الإيمان بأنه * (ليس كمثله شئ) *.
فاعلم أن من رحمه الله تعالى بخلقه أنه تنزل لعقول خلقه بإضافة الصفات التي فيها رائحة التشبيه إليه ليأخذوا منها المعاني، ثم تذهب تلك الصفات التي كادوا أن يكيفوها بعقولهم كأنها حق ويبقى معهم العلم بالتنزيه الذي هو الأصل، وإنما قلنا التي فيها رائحة التشبيه لأن التشبيه لا يلحق الحق تعالى أبدا كما لا يلحقه التكييف، وذلك لأن التكييف لا يصح إلا لو وقف التجلي الإلهي للعقول والقلوب أكثر من التنزيه وذلك محال، فجميع التجليات الإلهية كلمحة بارق ولا تقف للرائي حتى يكفيها ثم بتقدير وجود التكييف لأهل العقول