بذلك الذي أهله له ويقول من أين للواحد منا أن يكون ميزان عدالة بين الناس يرجعون إليه ويقفون عند قوله؟
وكان الشيخ عبد الحليم لا يرى له اختصاصا في شئ مما يدخل يده دون المسلمين بل يرى جميع ما دخل يده مشتركا بينه وبين المسلمين.
قلت: وقد من الله تعالى علي بذلك ولله الحمد فلا أرى لي بحمد الله ترجيحا على إخواني في شئ مما يدخل يدي بل كل من رأيته محتاجا لذلك من نفسي أو غيرها قدمته.
وكان أخي الشيخ عبد القادر كذلك، فكل ما رأى محتاجا قدمه ثم لا يطلب على ذلك عوضا ولا سرا ولا جهرا.
وأعطيته مرة ثمن بقرة يأكل أولاده لبنها فوجد في الطريق شخصا مربوطا فوزنهن؟؟
عنه ولم يكن له به معرفة قبل ذلك.
وكان الشيخ عبد المجيد الطريني لا يتوقف قط في إعطاء شئ يسأل فيه.
وحضرته مرة وهو يصلح بين اثنين ادعى أحدهما على الآخر بسبعمائة دينار فذهب الشيخ ورجع بالسبعمائة في خرقة فوزنها عن ذلك المديون فقال لي المديون هل عرضت للشيخ بشئ فقلت لا والله، فذكرت ذلك للشيخ فقال: لم يطلب أحد مني ذلك وإنما عادة الأجواد إذا حضروا في قضية أن يسدوها رضي الله عنه.
وأخبرني الشيخ شهاب الدين الطريني ثم الغمري أن الشيخ عبد المجيد لما سجن بسبب الديون التي تراكمت عليه بمصر من كثرة إعطائه الأموال للناس بغير عوض وجد في السجن شخصا محبوسا على مائة دينار فضمنه وأخرجه من السجن وتخلف عنه هو في السجن قليلا رضي الله عنه ثم أفرج عنه بعد ذلك.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى سلوك على يد شيخ ناصح يخرجه عن محبة الدنيا ويطلعه على عظيم مقام المسلمين وإن بذل الدنيا كلها في الصلح بينهم من بعض حقوقهم عليه، ومن لم يسلك كما ذكرنا فمن لازمه الإخلال بهذا العهد فلا يهون عليه بذل نصف فضة في الصلح بين المتخاصمين ولو أدى إلى رواحهم إلى بيت الوالي وإن سمح بالنصف سمح وعنده حزازة، أو بلا حزازة لكنه يطلب على ذلك عوضا من رد مثله