والصالحين، ونكرم كل وارد علينا حتى واردات الحق تعالى فنكرمها بتلقيها بالتعظيم والإجلال والرضا بها عن الله عز وجل.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى السلوك على يد شيخ ناصح يسلك به حتى يدخله حضرات الولاية، ويمر به إلى حضرات الأخلاق الحسنة، ويكسوه منها ما قسم له فتصير سجيته تعصى النفس والشيطان في كل ما يطلبانه من العبد، ويطيع الملك بالبديهة ويطيعه في جميع لماته، وهناك يخوض في الرحمة إن زار أحدا ذاهبا وراجعا، فإن غالب زيارات الناس اليوم لبعضهم بعضا لا إخلاص فيها وإنما هي أهوية نفوس، فترى الفقير أو العالم يزور أخاه وهو متلفت إلى ذكر ما أطلع عليه من نقائص أخيه، وتستحلى نفسه ذلك حتى يذكره للناس، وربما كان المذكور لهم ذلك أعداء لذلك الفقير المزور، فلا هو نصحه في ذلك النقص الذي رآه فيه بينه وبينه، ولا هو ستره بين الناس. وكثيرا ما يخرج أحدهم من عند ذلك الفقير أو العالم يقول زرت فلانا البارحة مثلا فوجدت عنده دعوى عظيمة للصلاح والعلم، ولو علمت أنه في تلك الحالة ما زرته، ويظهر الندم على زيارته احتقارا له بين الناس، فمثل هذا الزائر خاض في نار جنهم ذاهبا وراجعا، مع أن هذا القائل ربما زار الظلمة والمكاسين وأكلة الحرام، وأكل طعامهم في رمضان، وخرج ينشر فضائلهم، ولا تكاد تسمع منه لفظة واحدة في حقهم تنقصهم، وربما أجاب عنهم زجر من ينقصهم ورد عليه فكان العلماء والصالحون أحق بذلك.
واعلم أن للفقراء والصالحين مكرا خفيا بالزائرين لهم لغير الله فربما طردوهم بتعاطيهم كلمة مباحة حتى لا يكادون يرجعون إليهم، كما وقع لسيدي أبى السعود الجارحي مع شخص من العلماء الكبار دخل عليه بميزان الامتحان فقال الشيخ أبو السعود:
يظن الناس بي خيرا وإني * أشر الناس إن لم تعف عني بنصب الناس وأشر، فقال العالم: هذا لا يعرف الفاعل من المفعول، فكيف يكون صالحا وفارقه ذا ماله، فلقيه الشيخ بعد أشهر فكاشفه، وقال: يظن الناس بضم السين، فنزل العالم واستغفر الله تعالى، فقال له الشيخ: نصبة راحت بك، ورفعة جاءت بك، ما هكذا يزور الناس الفقراء، وما يضرنا اللحن إلى اللحن في القرآن أو الحديث " ".
فحرر يا أخي النية الصالحة لكل من طلبت زيارته ثم زر، ولو لم تجد نية صالحة إلى سنة أو أكثر فلا حرج عليك في ترك الزيارة، وقد كان السلف الصالح يحبون إرسال