وذكر الشيخ محيي الدين بن العربي رضي الله عنه في الفتوحات المكية أنه دخل على الملك الظاهر بيبرس يشفع في وزير من وزرائه كان تغير عليه وأمر بصلبه، فقال له السلطان: " " لا أقبل لك فيه شفاعة وذكر عنه أمور يستحق بها القتل " "، فقال له الشيخ: " " يا مولانا السلطان أنا من جملة رعيتك وأستحيي من الله أن تضيق دائرة حلمي وصفحي على واحد من الناس فكيف بدائرة حلم مولانا السلطان؟ " "، قال الشيخ: " " فقبل شفاعتي فيه وقضيت عنده في ذلك المجلس مائة حاجة وثمانية عشر حاجة " "، فمثل هؤلاء يا أخي هم الذين لا يخاف عليهم من الدخول على الملوك والأمراء والظلمة، وأما محب الدنيا الذي يستمطر من الظلمة هدية أو حسنة فيخاف عليه من هلاك دينه * (والله غفور رحيم) *.
وسيأتي في عهود المناهي حديث الإمام أحمد مرفوعا:
" " من تبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد عبد من السلطان قربا إلا ازداد من الله بعدا " ".
وهو محمول على من دخل إليهم وهو راغب في دنياهم.
وفي رواية للإمام أحمد وغيره مرفوعا:
" " يكون بعدي أمراء يغشاهم غواش وحواش من الناس، يكذبون ويظلمون، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم، فهو مني وأنا منه " ".
وروى ابن ماجة مرفوعا ورواته ثقات:
" " سيتفقه أناس من أمتي في الدين، ويقرؤون القرآن، ويقولون نأتي الأمراء فنصيب من دنياهم، ونعتزلهم بديننا ولا يكون ذلك، كما لا يجتني من القتاد إلا الشوك كذلك لا يجتني من قربهم " ".
قال ابن الصلاح كأنه يعنى الخطايا والأحاديث في ذلك كثيرة وسيأتي غالبها في عهود المناهي. والله تعالى أعلم.