ما له عندي شئ، فالتمس من المدعي البينة فأتى بثمانية يشهدون بها، فقال: هؤلاء شهود زور، فأتى بمزكين فزكوهم، فثبت الحق على ذلك الخصم، وطلب التقسيط عليه، فأبى صاحب الحق، فما أجاب إلا بعد أن كادت روحه تزهق منه فقال كم تقدر كل يوم على نصف فقال لا أقدر على ذلك، فجعل عليه ذلك القاضي عثمانيا كل يوم، فقال:
لا أقدر: فقال: كل جمعة عثماني، فقال: لا أقدر، فقال كل شهر عثماني، فقال: لا أقدر فقال كل سنة عثماني فقال: لا أقدر، فقام القاضي النائب ورمى عمامة نفسه وصار ينطحه برأسه ويرفسه وبرجله وهو يقول: لا أقدر على عثماني، ثم نادى القاضي الأصيل، فقال تعال انزل لحكمك عذرتك عذرتك.
وما ذكرت لك ذلك يا أخي إلا لتقيم الأعذار للناس في هذا الزمان إذا لم يصبروا على رعيتهم، فإنهم في النصف الثاني من القرن العاشر الذي اختفى فيه أكابر الأولياء لعجزهم عن شروط الظهور من الصبر على مروق الناس من الحق وتكليفهم الولي أن يرد عنهم الأقدار مع تماديهم على القبائح فاعلم ذلك.
* (والله عليم حكيم) *.
روى الشيخان مرفوعا: " " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فذكر منهم إمام عادل " ".
وروى الإمام أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما مرفوعا:
" " ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم " ".
وروى مسلم والنسائي مرفوعا: " " إن المقسطين عند الله تعالى على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا " ".
وروى مسلم مرفوعا: " " أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط موفق " " الحديث والمقسط: العادل.