وأخبرني شيخنا الشيخ دمرداش المحمدي المدفون خارج مصر في طريق بركة الحاج، أنه كان له صاحب شعري اللحية وكان معه زوجتان إحداهما صغيرة والأخرى كبيرة، فكانت الصغيرة تنتف الشعر الأبيض كلما نام عندها ليصير صغيرا، وكانت الكبيرة تنتف الشعر الأسود ليصير مثلها، فما مضى عليه أشهر حتى لم يبق في لحيته شعرة.
فيحمل ما ورد في ترغيب الرجل في إبقاء الشيب على ما إذا لم يعارضنا أمر أخر يتولد منه شرور وأنكاد، مع شدة محبة الرجل لزوجته.
وقد روى البيهقي أنه رفع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه امرأة قتلت زوجها، فقال لها ما حملك على قتله؟ فقالت إني امرأة صغيرة السن، وقد زوجني أبي كرها علي فلما عجزت عن التخلص منه غلبتني نفسي فرضخت رأسه بحجر رحى فمات، فأمر ظاهرا بقتلها ثم أسر إلى بعض أهلها أنها تختفي أو تهرب.
وتزوج شخص من إخواننا شابة، وكانت لحيته بيضاء، لأجل ماله وكان كثير المال ليس له ولد، فكانت تكلفه بعمل اللحم على الصاج، وبالشهوات، فإذا أتى بها قالت لا حاجة بي إلى ذلك، فيأتي ويقول لي: إني أنفق عليها كل يوم نحو عشرة أنصاف وما هو على قلبها ولا على خاطرها، وما أعرف لي ذنبا، فقلت له، ذنبك بياض لحيتك، فلم تزل به حتى طلقها، فكاد عقله يذهب.
وقد وقع لشخص آخر من إخواننا أنه صبغ لحيته بالسواد لأجل واحدة كان يحبها، ثم عقد عليها وأوهمها أنه شاب، فلما دخل عليها قالت له لحيتك لحية شاب، وحركتك في الجماع حركة شيخ، فطلقها من كثرة النكد.
وكذلك وقع لسيدي الشيخ نور الدين الشوني رحمه الله تعالى أنه تزوج بعد تسعين سنة شابة، ولم يكن تزوج قبلها أحدا، وكان أبوها من كبار المعتقدين في الشيخ، فكانت تؤذي الشيخ فيقول لي ما أعرف إيش تكرهني على إيش فأسكت وأستحي أن أقول له من كبر سنك، وشكت إلى والدها من خشونة جبة الشيخ فنزعها وصار ينام معها في ثياب الكتان الخمسيني، ومع ذلك فكانت تشكو منه، وكلما عمل على غرضها في أمر طلبت منه أمر آخر حتى كدرت عليه عيشته فطلقها.
فاصبغ يا أخي الشيب الذي في لحيتك بغير السواد، ولا تنتفه إلا لعذر شرعي والله يتولى هداك.
روى أبو داود والترمذي مرفوعا: " " لا تنتفوا الشيب فإنه ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كانت له نورا يوم القيامة " ".