مما يدل على زهدها رواية سلمان المفصلة، ففيها أن سلمان أخذ درع فاطمة وذهب به إلى شمعون اليهودي، فجعله رهنا عنده، وأخذ صاعا من شعير لزاد الأعرابي الذي أسلم فأخذ شمعون الدرع فجعل يقلبه في كفه ويبكي ويقول يا سلمان، هذا هو الزهد في الدنيا. هذا الذي أخبرنا به موسى بن عمران. فأسلم وحسن إسلامه (1).
فيه: لما نزلت على النبي (صلى الله عليه وآله): * (وإن جهنم لموعدهم أجمعين) * - الآية، بكى النبي بكاءا شديدا وبكت صحابته لبكائه ولم يدروا ما نزل به جبرئيل ولم يستطع أحد من صحابته أن يكلمه. وكان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا رأى فاطمة (عليها السلام) فرح بها. فانطلق بعض أصحابه إلى باب بيتها، فوجد بين يديها شعيرا وهي تطحنه وتقول: * (وما عند الله خير وأبقى) * فسلم عليها وأخبرها بخبر النبي وبكائه، فنهضت والتفت بشملة لها خلقة قد خيطت في اثني عشر مكانا بسعف النخل.
فلما خرجت، نظر سلمان الفارسي إلى الشملة وبكى وقال: وا حزناه، إن قيصر وكسرى لفي السندس والحرير، وابنة محمد (صلى الله عليه وآله) عليها شملة صوف خلقة قد خيطت في اثني عشر مكانا. فلما دخلت فاطمة على النبي قالت: يا رسول الله، إن سلمان تعجب من لباسي، فوالذي بعثك بالحق، مالي ولعلي منذ خمس سنين إلا مسك - بفتح الميم: الجلد - كبش تعلف عليها بالنهار بعيرنا، فإذا كان الليل افترشناه، وإن مرفقتنا لمن أدم حشوها ليف. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا سلمان، إن ابنتي لفي الخيل السوابق - الخبر (2).
أمالي الطوسي: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: بينا أنا وفاطمة في كساء إذ أقبل رسول الله نصف الليل، وكان يأتيها بالتمر واللبن ليعينها على الغلامين. فدخل فوضع رجلا بحبالي ورجلا بحبالها. ثم إن فاطمة بكت، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله):