والله لقد كانت الدنيا أهون عليه من شسع نعله. ليث في الوغا، بحر في المجالس، حكيم في الحكماء. هيهات قد مضى إلى الدرجات العلى (1).
إرشاد القلوب: عن سويد بن غفلة، قال: دخلت على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فوجدته جالسا وبين يديه إناء فيه لبن أجد منه ريح حموضته، وفي يده رغيف أرى قشار الشعير في وجهه، وهو يكسر بيده ويطرحه فيه. فقال: ادن فأصب من طعامنا فقلت: إني صائم. فقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من منعه الصيام من طعام يشتهيه، كان حقا على الله أن يطعمه من طعام الجنة، ويسقيه من شرابها - الخبر. ثم ذكر أنه قال لفضة في ذلك، قالت: تقدم إلينا أن لا ننخل له طعاما (2).
المحاسن: عن حبة العرني قال: اتي أمير المؤمنين (عليه السلام) بخوان فالوذج، فوضع بين يديه، فنظر إلى صفائه وحسنه فوجأ بأصبعه فيه حتى بلغ أسفله، ثم سلها ولم يأخذ منه شيئا، وتلمظ أصبعه - أي أخرج لسانه فمسح أصبعه - وقال:
إن الحلال طيب وما هو بحرام، ولكني أكره أن أعود نفسي ما لم أعودها، ارفعوه عني. فرفعه.
المحاسن: عن الصادق (عليه السلام) قال: بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) في الرحبة في نفر من أصحابه إذ أهدي له طست خوان فالوذج، فقال لأصحابه: مدوا أيديكم.
فمدوا أيديهم، ومد يده. ثم قبضها، فقالوا: يا أمير المؤمنين، أمرتنا أن نمد أيدينا.
فمددناها ومددت يدك، ثم قبضتها؟ فقال: إني ذكرت أن رسول الله لم يأكله، فكرهت أكله (3).
أقول: قد ذكرت من ذلك ما فعل ابنه العباس يوم عاشوراء، فإنه ورد الفرات وذكر عطش الحسين (عليه السلام) فلم يشرب منه قطرة من الماء.
الخرائج: مما يعلم منه زهد أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه لما ولي الخلافة، أمر