قال أبو محمد: وهذا قريب في الفساد من قول مالك لأنه تحكم بالباطل ولعب وكذب ظاهر لان الذين يقولونه في الاسلام لم يقولوه قط في الجاهلية وإنما قال عز وجل: (ثم يعودون لما قالوا) ولم يقل لما قال غيرهم، وذكر هذين القولين يغنى عن تكلف الرد عليهما لظهور فسادهما وانهما شرع لم يأذن به الله تعالى وانهما لا يحفظان عن أحد قبل أبي حنيفة. ومالك، وقالت طائفة: العود هو أن يظاهر منها ثم يمسكها مدة بقدر أن يقول فيها: أنت طالق فلا يطلقها في تلك المدة فإذا فعل ذلك فقد عاد لما قال ولزمته الكفارة ماتت أو عاشت طلقها بعد ذلك أو لم يطلقها فان طلقها أثر ظهاره منها فلا كفارة ظهار عليه وهذا قول الشافعي. وبعض أصحابنا، وروى أشهب عن مالك أنه قال: إذا ظاهر من امرأته ثم أمسكها وعزم على وطئها فقد لزمته الكفارة ولا تسقط عنه بعد ماتت أو عاشت، وقالت طائفة: كقولنا روى عن بكير بن الأشج.
ويحيى بن زياد الفراء، وقد روى نحوه عن عطاء * قال أبو محمد: جميع الأقوال التي قدمنا إنما هي دعاوى لا توافق في اللغة التي بها خاطبنا الله عز وجل وبها نزل القرآن ما يقع عليه لفظة العود (1) لما قال وما كان هكذا فهو باطل بيقين نعنى من فسر العود بالوطئ أو بإرادة الوطئ أو بالامساك إذ ليس شئ من هذا عود لما قال، وكذلك من قال: انه يوجب تحريما لا يرفعه الا الكفارة لان الله تعالى لم يوجب الكفارة بالظهار وحده لكن به وبالعود لما قال هذا نص القرآن * قال أبو محمد: ولم يبق إلا قولنا وهو أن يعود لما قال ثانية ولا يكون العود للقول الا بتكريره لا يعقل في اللغة غير هذا، وبهذا جاءت السنة كما روينا من طريق سليمان ابن حرب. ومحمد بن الفضل عارم كلاهما عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أن جميلة بنت ثعلبة امرأة أوس بن الصامت وكان به لمم فكان إذا اشتد لممه ظاهر منها فأنزل الله عز وجل فيه كفارة الظهار * قال أبو محمد: هذا يقتضى التكرار ولابد ولا يصح في الظهار الا هذا الخبر وحده الا خبرا نذكره بعد هذا إن شاء الله عز وجل وكل ما عدا ذلك فساقط اما مرسل واما من رواية من لا خير فيه كما بينا في كتاب الايصال والحمد لله رب العالمين * واختلفوا فيما يجزى في ذلك من الرقاب، فقالت طائفة: لا يجزى في ذلك عتق الكتابي وهو قول مالك، وقال أصحابنا. وأبو حنيفة: يجزى وإنما قال المالكيون ذلك قياسا على رقبة كفارة قتل الخطأ *