أهله) فلابد من دية مسلمة إلى أهله، وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قد ذكرناه باسناده في مواضع من كتابنا هذا ولله الحمد " من قتل له قتيل بعد مقالتي هذه فأهله بين خيرتين بين أن يقتلوا أو يأخذوا العقل " أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فالعقل واجب على كل حال في العمد والخطأ ولا يخلو قتيل من أحد هذين الوجهين * قال أبو محمد: وهكذا من أصابه حجر لا يدرى من رماه أو سهم كذلك ولا فرق، ولو أن امرءا خرج إليه عدو في طريق فقتله وجماعة ثقات ينظرون إلى ذلك الا انهم لا يعرفون القاتل من هو فلما رآهم القاتل هرب وصار خلف ربوة أو في بيت أو في خان فاتبعته الجماعة فوجدوا خلف الرابية أو الخان أو البيت جماعة من الناس أو اثنين فصاعدا فيهم ثقات وغير ثقات فسألوهم من دخل عندكم الساعة؟ فقال كل امرئ منهم لا ندري كل امرئ منا مشغول بأمره فاما المالكيون يقولون: يقذف كل من كان في الخان وكل من كان في البيت وكل من كان خلف الرابية في السجن الدهر الطويل حتى يكون موتهم خيرا لهم من الحياة وهذا ظلم عظيم متيقن وخطا عند الله تعالى بلا شك لأنهم على يقين من أنهم كلهم مظلمون الا واحدا فقد أقدموا على ظلم الف انسان بيقين وهم يدرون أنهم ظالمون لهم خوف أن يفلت ظالم واحد لا يعرفونه بعينه * قال أبو محمد: ويلزم من قال بهذا القول (1) على كل أن يقصد إلى أهل كل سوق فيقذفهم في الحبس لأننا ندري أن فيهم آكل ربا بيقين وشارب خمر بيقين وكذلك يلزمهم في قتيل وجد في مدينة أو جزيرة ان يسجنوا جميع أهل تلك المدينة وأهل الجزيرة وإلا فقد تناقضوا أفحش تناقض، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد أبطل هذا الحكم الفاسد بفعله (2) في أهل خيبر إذ قتل فيهم عبد الله بن سهل رضي الله عنه فما سجن أحد منهم بل قنع منهم بالايمان فقط على من ادعى عليه منهم أو بايمانهم * قال أبو محمد: ويبطل هذا أيضا قول الله تعالى: (ان يتبعون الا الظن وما تهوى الأنفس) وقوله تعالى: (إن يتبعون إلا الظن وان الظن لا يغنى من الحق شيئا)، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إياكم والظن فان الظن أكذب الحديث " فلا يحل لاحد الاقدام على أحد بالظن فكيف وهم ههنا قد اقدموا بالجور المحض والظلم المتيقن، والواجب في هذا أن لا يسجن واحد منهم لكن من ادعى عليه حلف المدعون على حكم القسامة فان نكلوا حلف هو يمينا واحدة، وكذلك لو ادعوا على جماعة بأعيانهم كل واحد منهم يحلف يمينا واحدة ويبرأ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء
(٤٧٠)