فإذا أجبر على من يكرهها لم تحصل له المصلحة منها وفات عليه غرضه من الأخرى فيحصل مجرد ضرر مستغنى عنه، وإنما جاز ذلك في حق المجنون والطفل لعدم امكان الوصول إلى ذلك من قولهما ولم يتعذر ذلك ههنا فوجب أن لا يفوت ذلك عليه كالرشيد (الحال الثاني) أن للولي أن يأذن له في التزويج في الحال التي للولي تزويجه فيها وهي حالة الحاجة لأنه من أهل النكاح فإنه عاقل مكلف ولذلك يملك الطلاق والخلع فجاز أن يفوض إليه ذلك ثم هو مخير بين أن يعين له المرأة أو يأذن له مطلقا. وقال بعض الشافعية يحتاج إلى التعيين لئلا يتزوج شريفة يكثر مهرها ونفقتها فيتضرر بذلك ولنا انه أذن في النكاح فجاز من غير تعيين كالاذن للعبد وبهذا يبطل ما ذكروه ولا يتزوج إلا بمهر المثل فإن زاد على مهر المثل بطلت الزيادة لأنها محاباة بماله ولا يملكها، وإن نقص عن مهر المثل جاز لأنه ربح من غير خسران (الحال الثالث) إذا تزوج بغير اذن فقال أبو بكر يصح النكاح أو ما إليه احمد، قال القاضي يعنى إذا كان محتاجا فإن عدمت الحاجة لم يجز لأنه اتلاف لماله في غير فائدة، وقال أصحاب الشافعي إن أمكنه استئذان وليه لم يصح إلا باذنه لأنه محجور عليه فلم يصح منه التصرف بغير اذن كالعبد، وإن طلب منه النكاح فأبى أن يزوجه ففيه وجهان ولنا أنه إذا احتاج إلى النكاح فحقه متعين فيه فصح استيفاؤه بنفسه كما لو استوفى دينه الحال عند امتناع وليه من استيفائه، فاما أن تزوج من غير حاجة لم يصح فإن وطئ الزوجة فعليه مهر المثل لأنه أتلف بضعها بشبهة فلزمه عوض ما أتلف كما لو أتلف مالها
(٣٩٧)